@ 227 @ .
وأنشد ابن الأعرابي على هذا : % ( فلست بمدرك ما فات مني % .
بلهف ولا بليت ولا لواني .
) % .
انتهى . يريد تبيعها وتلهفاً ، وخطأ النحاس أبا حاتم في حذف هذه الألف ، قال ابن عطية : وليس كما قال انتهى . وهذا أعنى مثل تلهف بحذف الألف عند أصحابنا ضرورة ، ولذلك لا يجيزون يا غلام بحذف الألف ، والاجتزاء بالفتحة عنها كما اجتزؤوا بالكسرة في يا غلام عن الياء ، وأجاز ذلك الأخفش . وقرأ أيضاً عليّ وعروة ابنها بفتح الهاء وألف أي : ابن امرأته . وكونه ليس ابنه لصلبه ، وإنما كان ابن امرأته قول : علي ، والحسن ، وابن سيرين ، وعبيد بن عمير . وكان الحسن يحلف أنه ليس ابنه لصلبه ، قال قتادة : فقلت له : إن الله حكى عنه أن ابني من أهلي ، وأنت تقول : لم يكن ابنه ، وأهل الكتاب لا يختلفون في أنه كان ابنه فقال : ومن يأخذ دينه من أهل الكتاب ؟ واستدل بقوله من أهلي ولم يقل مني ، فعلى هذا يكون ربيباً . وكان عكرمة ، والضحاك ، يحلفان على أنه ابنه ، ولا يتوهم أنه كان لغير رشدة ، لأن ذلك غضاضة عصمت منه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وروي ذلك عن الحسن وابن جريج ، ولعله لا يصح عنها . وقال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، والذي يدل عليه ظاهر الآية أنه ابنه ، وأما قراءة من قرأ ابنه أو ابنها فشاذة ، ويمكن أن نسب إلى أمه وأضيف إليها ، ولم يضف إلى أبيه لأنه كان كافراً مثلها ، يلحظ فيه هذا المعنى ولم يضف إليه استبعاداً له ، ورعياً أن لا يضاف إليه كافر ، وإنما ناداه ظناً منه أنه مؤمن ، ولولا ذلك ما أحب نجاته . أو ظناً منه أنه يؤمن إنْ كان كافراً لما شاهد من الأهوال العظيمة ، وأنه يقبل الإيمان . ويكون قوله : اركب معنا كالدلالة على أنه طلب منه الإيمان ، وتأكد بقوله : ولا تكن مع الكافرين ، أي اركب مع المؤمنين ، إذ لا يركب معهم إلا مؤمن لقوله : ومن آمن . .
وفي معزل أي : في مكان عزل فيه نفسه عن أبيه وعن مركب المؤمنين . وقيل : في معزل عن دين أبيه ، ونداؤه بالتصغير خطاب تحنن ورأفة ، والمعنى : اركب معنا في السفينة فتنجو ولا تكن مع الكافرين فتهلك . وقرأ عاصم يا بني بفتح الياء ، ووجه على أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف ، وأصله يا بنيا كقولك : يا غلاماً ، كما اجتزأ باقي السبعة بالكسرة عن الياء في قراءتهم يا بني بكسر الياء ، أو أن الألف انحذفت لالتقائها مع راء اركب . وظن ابن نوح أن ذلك المطر والتفجير على العادة ، فلذلك قال : سآوي إلى جبل يعصمني من الماء أي : من وصول الماء إليّ فلا أغرق ، وهذا يدل على عادته في الكفر ، وعدم وثوقه بأبيه فيما أخبر به . .
قيل : والجبل الذي عناه طور زيتا فلم يمنعه ، والظاهر إبقاء عاصم على حقيقته وأنه نفي كل عاصم من أمر الله في ذلك الوقت ، وأنّ من رحم يقع فيه من على المعصوم . والضمير الفاعل يعود على الله تعالى ، وضمير الموصول محذوف ، ويكون الاستثناء منقطعاً أي : لكنْ من رحمة الله معصوم ، وجوزوا أن يكون من الله تعالى أي لا عاصم إلا الراحم ، وأن يكون عاصم بمعنى ذي عصمة ، كما قالوا لاين أي : ذو لبن ، وذو عصمة ، مطلق على عاصم وعلى معصوم ، والمراد به هنا المعصوم . أو فاعل بمعنى مفعول ، فيكون عاصم بمعنى معصوم ، كماء دافق بمعنى مدفوق . وقال الشاعر : % ( بطيء الكلام رخيم الكلام % .
أمسى فؤادي به فاتنا .
) % .
أي مفتوناً . ومن للمعصوم أي : لا ذا عصمة ، أو لا معصوم إلا المرحوم . وعلى هذين التجويزين يكون استثناء