@ 203 @ فهو لا يعجزه ما شاء من عذابهم . .
{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } : نزلت في الأخنس بن شريق ، كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ويحلف أنه ليحبه ويضمر خلاف ما يظهر قاله ابن عباس . وعنه أيضاً : في ناس كانوا يستحيون أن يفضوا إلى السماء في الخلاء ومجامعة النساء . وقيل : في بعض المنافقين ، كان إذا مر بالرسول صلى الله عليه وسلم ) ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كي لا يرى الرسول قاله : عبد الله بن شدّاد . وقيل : في طائفة قالوا إذا أغلقنا أبوابنا ، وأرخينا ستورنا ، واستغشينا ثيابنا ، وثنينا صدورنا ، على عداوته كيف يعلم بنا ؟ ذكره الزجاج . وقيل : فعلوا ذلك ليبعد عليهم صوت الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، ولا يدخل أسماعهم القرآن ذكره ابن الأنباري . ويثنون مضارع ثنى قراءة الجمهور . وقرأ سعيد بن جبير : يثنون بضم الياء مضارع أثنى صدورهم بالنصب . قال صاحب اللوامح : ولا يعرف الاثناء في هذا الباب إلا أن يراد به وجدتها مثنية مثل أحمدته وأمجدته ، ولعله فتح النون وهذا مما فعل بهم ، فيكون نصب صدورهم بنزع الجار ، ويجوز على ذلك أن يكون صدورهم رفعاً على البدل بدل البعض من الكل . وقال أبو البقاء : ماضية أثنى ، ولا يعرف في اللغة إلا أن يقال معناه : عرضوها للاثناء ، كما يقال : أبعت الفرس إذا عرضته للبيع . وقرأ ابن عباس ، وعلي بن الحسين ، وابناه زيد ومحمد ، وابنه جعفر ، ومجاهد ، وابن يعمر ، ونصر بن عاصم ، وعبد الرحمن بن ابزي ، والجحدري ، وابن أبي إسحاق ، وأبو الأسود الدؤلي ، وأبو رزين ، والضحاك : تثنوني بالتاء مضارع اثنوني على وزن افعوعل نحو اعشوشب المكان صدورهم بالرفع ، بمعنى تنطوي صدورهم . وقرأ أيضاً ابن عباس ، ومجاهد ، وابن يعمر ، وابن أبي إسحاق : يثنوني بالياء صدورهم بالرفع ، ذكر على معنى الجمع دون الجماعة . وقرأ ابن عباس أيضاً ليثنون بلام التأكيد في خبر إنْ ، وحذف الياء تخفيفاً وصدورهم رفع . وقرأ ابن عباس أيضاً ، وعروة ، وابن أبي أبزي ، والأعشى : يثنون ووزنه يفعوعل من الثن ، بنى منه افعوعل وهو ما هش وضعف من الكلأ ، وأصله يثنونن يريد مطاوعة نفوسهم للشيء ، كما ينثني الهش من النبات . أو أراد ضعف إيمانهم ومرض قلوبهم وصدورهم بالرفع . وقرأ عروة ومجاهد أيضاً : كذلك إلا أنه همز فقرأ يثنئن مثل يطمئن ، وصدورهم رفع ، وهذه مما استثقل فيه الكسر على الواو كما قيل : أشاح . وقد قيل أن يثنئن يفعئل من الثن . المتقدّم ، مثل تحمارّ وتصفارّ ، فحركت الألف لالتقائهما بالكسر ، فانقلبت همزة . وقرأ الأعشى : يثنؤون مثل يفعلون مهموز اللام ، صدورهم بالنصب . قال صاحب اللوامح : ولا أعرف وجهه لأنه يقال : ثنيت ، ولم أسمع ثنأت . ويجوز أنه قلب الياء ألفاً على لغة من يقول : أعطأت في أعطيت ، ثم همز على لغة من يقول : { وَلاَ الضَّالّينَ } وقرأ ابن عباس : يثنوي بتقديم الثاء على النون ، وبغير نون بعد الواو على وزن ترعوي . قال أبو حاتم : وهذه القراءة غلط لا تتجه انتهى . وإنما قال ذلك لأنه لاحط الواو في هذا الفعل لا يقال : ثنوته فانثوى كما يقال : رعوته أي كففته فارعوى فانكف ، ووزنه أفعل . وقرأ نضير بن عاصم ، وابن يعمر ، وابن أبي إسحاق : يثنون بتقديم النون على الثاء ، فهذه عشر قراءات في هذه الكلمة . والضمير في أنهم عائد على بعض من بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ) من الكفار أي : يطوون صدورهم على عدوانه . قال الزمخشري : يثنون صدورهم يزوّرون عن الحق وينحرفون عنه ، لأنّ من أقبل على الشيء استقبله بصدره ، ومن ازورّ عنه وانحرف ثنى عنه صدره وطوى عنه كشحه ليستخفوا منه ، يعني : ويريدون ليستخفوا من الله ، فلا يطلع رسوله والمؤمنين على ازورارهم . ونظير إضمار يريدون ، لعود المعنى إلى إضماره الإضمار في قوله تعالى : { أَنِ اضْرِب بّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ } معناه : فضرب فانفلق . ومعنى ألا حين : يستغشون ثيابهم ويريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابهم أيضاً كراهة لاستماع كلام الله كقول نوح عليه السلام : { جَعَلُواْ أَصَابِعَهُمْ فِى وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ } انتهى . فالضمير في منه على قوله عائد على الله ، قال