@ 201 @ وقال مقاتل : مكية إلا قوله : فلعلك تارك الآية . وقوله : { أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } نزلت في ابن سلام وأصحابه . وقوله : { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ } نزلت في نبهان التمار . .
وكتاب خبر مبتدأ محذوف يدل عليه ظهوره بعد هذه الحروف المقطعة كقوله : الم ذلك الكتاب ، وأحكمت صفة له . ومعنى الأحكام : نظمه نظماً رضياً لا نقص فيه ولا خلل ، كالبناء المحكم . وهو الموثق في الترصيف ، وعلى هذا فالهمزة في أحكمت ليست للنقل ، ويجوز أن تكون للنقل من حكم بضم الكاف إذا صار حكيماً ، فالمعنى : جعلت حكيمة كقولك : تلك آيات الكتاب الحكيم على أحد التأويلين في قوله : { الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } وقيل : من أحكمت الدابة إذا منعها من الجماح بوضع الحكمة عليها ، فالمعنى : منعت من النساء كما قال جرير : % ( أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم % .
إني أخاف عليكم أن أغضبا .
) % .
وعن قتادة : أحكمت من الباطل . قال ابن قتيبة : أحكمت أتقنت شبه ما يحكم من الأمور المتقنة الكاملة ، وبهذه الصفة كان القرآن في الأول ، ثم فصل بتقطيعه وتبيين أحكامه وأوامره عل محمد صلى الله عليه وسلم ) فثم على بابها ، وهذه طريقة الإحكام والتفصيل . إذ الإحكام صفة ذاتية ، والتفصيل إنما هو بحسب من يفصل له ، والكتاب أجمعه محكم مفصل ، والإحكام الذي هو ضد النسخ ، والتفصيل الذي هو خلاف الإجمال ، إنما يقالان مع ما ذكرناه باشتراك . وحكى الطبري عن بعض المتأولين : أحكمت بالأمر والنهي ، وفصلت بالثواب والعقاب . وعن بعضهم : أحكمت من الباطل ، وفصلت بالحلال والحرام ، ونحو هذا من التخصيص الذي هو صحيح المعنى ، ولكن لا يقتضيه اللفظ . وقيل : فصلت معناه فسرت ، وقال الزمخشري : ثم فصلت كما تفصل القلائد بالدلائل من دلائل التوحيد والأحكام والمواعظ والقصص ، أو جعلت فصولاً سورة سورة وآية آية ، أو فرقت في التنزيل ولم تنزل جملة واحدة ، أو فصل بها ما يحتاج إليه العباد أي بيّن ولخص . وقرأ عكرمة ، والضحاك ، والجحدري ، وزيد بن علي ، وابن كثير في رواية : ثم فصلت بفتحتين ، خفيفة على لزوم الفعل للآيات . قال صاحب اللوامح : يعني انفصلت وصدرت . وقال ابن عطية : فصلت بين المحق والمبطل من الناس ، أو نزلت إلى الناس كما تقول : فصل فلان بسفره . .
قال الزمخشري : وقرىء أحكمت آياته ثم فصلت أي : أحكمتها أنا نائم ، فصلتها . ( فإن قلت ) : ما معنى ؟ ثم ( قلت ) : ليس معناها التراخي في الوقت ولكن في الحال ، كما تقول : هي محكمة أحسن الأحكام ، ثم مفصلة أحسن التفصيل ، وفلان كريم الأصل ، ثم كريم الفعل انتهى . يعني أنّ ثم جاءت لترتيب الإخبار لا لترتيب الوقوع في الزمان ، واحتمل من لدن أن يكون في موضع الصفة . ومن أجاز تعداد الأخبار إذا لم تكن في معنى خبر واحد أجاز أن يكون خبراً بعد خبر . قال الزمخشري : أن يكون صلة أحكمت وفصلت أي : من عنده أحكامها وتفصيلها . وفيه طباق حسن ، لأنّ المعنى أحكمها حكيم وفصلها أي : بينها وشرحها خبير بكيفيات الأمور انتهى . ولا يريد أن من لدن متعلق بالفعلين معاً من حيث صناعة الإعراب ، بل يريد أن ذلك من باب الاعمال ، فهي متعلقة بهما من حيث المعنى . وأن لا تعبدوا يحتمل أن يكون أن حرف تفسير ، لأنّ في تفصيل الآيات معنى القول وهذا أظهر ، لأنه لا يحتاج إلى إضمار . وقيل : التقدير لأنْ لا تعبدوا أو بأنْ لا تعبدوا ، فيكون مفعولاً من أجله ، ووصلت أنْ بالنهي . وقيل