@ 179 @ نحوي ، ومفعول اقضوا محذوف أي : اقضوا إليّ ذلك الأمر وامضوا في أنفسكم ، واقطعوا ما بيني وبينكم . وقرأ السري بن ينعم : ثم أفضوا بالفاء وقطع الألف ، أي : انتهوا إليّ بشركم من أقضى بكذا انتهى إليه . وقيل : معناه أسرعوا . وقيل : من أفضى إذا خرج إلى الفضاء أي : فاصحروا به إليّ وأبرزوه . ومنه قول الشاعر : % ( أبى الضيم والنعمان تحرق نابه % .
عليه فأفضى والسيوف معاقله .
) % .
{ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِى الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } : أي : فإن دام توليكم عما جئت به إليكم من توحيد الله ورفض آلهتكم فلست أبالي بكم ، لأنّ توليكم لا يضرني في خاصتي ، ولا قطع عني صلة منكم ، إذ ما دعوتكم إليه وذكرتكم به ووعظتكم ، لم أسألكم عليه أجراً ، إنما يثيبني عليه الله تعالى أي : ما نصحتكم إلا لوجه الله تعالى لا لغرض من أغراض الدنيا ، ثم أخبر أنه أمره أن يكون من المسلمين من المنقادين لأمر الله الطائعين له ، فكذبوه ، فتموا على تكذيبه ، وذلك عند مشارفة الهلاك بالطوفان . وفي الفلك متعلق بالاستقرار الذي تعلق به معه ، أو بفنجيناه . وجعلناهم جمع ضمير المفعول على معنى من ، وخلائف يخلفون الفارقين المهلكين . ثم أمر بالنظر في عاقبة المنذرين بالعذاب ، وإلى ما صار إليه حالهم . وفي هذا الإخبار توعد للكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم ) ، وضرب مثال لهم في أنهم بحال هؤلاء من التكذيب فسيكون حالهم كحالهم في التعذيب . والخطاب في فانظر للسامع لهذه القصة ، وفي ذلك تعظيم لما جرى عليهم ، وتحذير لمن أنذرهم الرسول ، وتسلية له صلى الله عليه وسلم ) . .
{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ } : من بعده أي : من بعد نوح رسلاً إلى قومهم ، يعني هوداً وصالحاً ولوطاً وإبراهيم وشعيباً . والبينات : المعجزات ، والبراهين الواضحة المثبتة لما جاؤوا به . وجاء النفي مصحوباً بلام الجحود ليدل على أنّ إيمانهم في حيز الاستحالة والامتناع ، والضمير في كذبوا عائد على من عاد عليه ضمير كانوا وهم قوم الرسل . والمعنى : أنهم كانوا قبل بعثة الرسل أهل جاهلية وتكذيب للحق ، فتساوت حالتهم قبل البعثة وبعدها ، كأن لم يبعث إليهم أحد . ومن قبل متعلق بكذبوا أي : من قبل بعثة الرسل . وقيل : المعنى أنهم بادروا رسلهم بالتكذيب كلما جاء رسول ، ثم لحوا في الكفر وتمادوا ، فلم يكونوا ليؤمنوا بما سبق به تكذيبهم من قبل لحهم في الكفر وتماديهم . وقال يحيى بن سلام : من قبل معناه من قبل العذاب ، وهذا القول فيه بعد . وقيل : الضمير في كذبوا عائد على قوم نوح أي : فما كان قوم الرسل ليؤمنوا بما كذب به قوم نوح ، يعني : أن شنشنتهم واحدة في التكذيب . قال ابن عطية ، ويحتمل اللفظ عندي معنى آخر وهو : أن تكون ما مصدرية ، والمعنى فكذبوا رسلهم فكان عقابهم من الله أن لم يكونوا ليؤمنوا بتكذيبهم من قبل أي : من سببه ومن جرائه ، ويؤيد هذا التأويل كذلك نطبع انتهى . والظاهر أنّ ما موصولة ، ولذلك عاد الضمير عليها في قوله : بما كذبوا به . ولو كانت مصدرية بقي الضمير غير عائد على مذكور ، فتحتاج أن يتكلف ما يعود عليه الضمير . وقرأ الجمهور : نطبع بالنون ، والعباس بن الفضل بالياء ، والكاف للتشبيه أي : مثل ذلك الطبع المحكم الذي يمتنع زواله نطبع على قلوب المعتدين المجاوزين طورهم والمبالغين في الكفر . .
.
{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقّ