@ 166 @ إلى مفعول ، ولا تقع جملة الشرط موقعه . .
وتقدم الكلام في قوله : { بَيَاتًا } في الأعراف مدلولاً وإعراباً . والمعنى إن أتاكم عذابه وأنتم ساهون غافلون ، مما بنوم وإما باشتغال بالمعاش والكسب ، وهو نظير قوله : { بَغْتَةً } لأن العذاب إذا فاجأ من غير شعور به كان أشد وأصعب ، بخلاف أن يكون قد استعد له وتهيىء لحلوله ، وهذا كقوله تعالى : بياتاً وهم نائمون ضحى وهم يلعبون . ويجوز في ماذا أن يكون ما مبتدأ وذا خبره ، وهو بمعنى الذي ، ويستعجل صلته ، وحذف الضمير العائد على الموصول التقدير أي : شيء يستعجله من العذاب المجرمون . ويجوز في ماذا أن يكون كله مفعولاً كأنه قيل : أي شيء يستعجله من العذاب المجرمون . وقد جوز بعضهم أن يكون ماذا كله مبتدأ ، وخبره الجملة بعده . وضعفه أبو عليّ لخلوّ الجملة من ضمير يعود على المبتدأ . والظاهر عود الضمير في منه على العذاب ، وبه يحصل الربط لجملة الاستفهام بمفعول أرأيتم المحذوف الذي هو مبتدأ في الأصل . وقيل : يعود على الله تعالى . والمجرمون هم المخاطبون في قوله : أرأيتم إن أتاكم . ونبه على الوصف الموجب لترك الاستعجال وهو الإجرام ، لأنّ من حق المجرم أنْ يخاف التعذيب على إجرامه ، ويهلك فزعاً من مجيئه وإن أبطأ ، فكيف يستعجله ؟ وثم حرف عطف وتقدمت همزة الاستفهام عليها كما تقدمت على الواو والفاء في : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ } وفي { أَوَ لَمْ * يَسِيرُواْ } وتقدم الكلام على ذلك . وخلاف الزمخشري للجماعا في دعواه أنّ بين الهمزة وحرف العطف جملة محذوفة عطفت عليها الجملة التي بعد حرف العطف . وقال الطبري في قوله : أثم بضم الثاء ، أنّ معناه أهنالك قال : وليست ثم هذه التي تأتي بمعنى العطف انتهى . وما قاله الطبري من أنّ ثم هنا ليست للعطف دعوى ، وأما قوله : إن المعنى أهنالك ، فالذي يبنغي أن يكون ذلك تفسير معنى ، لا أنْ ثم المضمومة الثاء معناها معنى هنالك . .
وقرأ طلحة بن مصرّف : أثم بفتح الثاء ، وهذا يناسبه تفسير الطبري أهنالك . وقرأ الجمهور آلآن على الاستفهام بالمد ، وكذا آلآن وقد عصيت . وقرأ طلحة والأعرج : بهمزة الاستفهام بغير مد ، وهو على إضمار القول أي : قيل لهم إذا آمنوا بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به ، فالناصب لقوله : الآن هو آمنتم به ، وهو محذوف . قيل : تقول لهم ذلك الملائكة . وقيل : الله ، والاستفهام على طريق التوبيخ . وفي كتاب اللوامح عيسى البصري وطلحة : آمنتم به الآن بوصل الهمزة من غير استفهام ، بل على الخبر ، فيكون نصبه على الظرف من آمنتم به المذكور . وأما في العامة فنصبه بفعل مضمر يدل عليه آمنتم به المذكور ، لأن الاستفهام قد أخذ صدر الكلام ، فيمنع ما قبله أن يعمل فيما بعده انتهى . وقد كنتم جملة حالية . قال الزمخشري : وقد كنتم به تستعجلون يعني تكذبون ، لأن استعجالكم كان على جهة التكذيب والإنكار . وقال ابن عطية : تستعجلون مكذبين به . .
{ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } : أي تقول لهم خزنة جهنم هذا الكلام . والظلم ظلم الكفر لا ظلم المعصية ، لأنّ من دخل النار من عصاة المؤمنين لا يخلد فيها . وثم قيل عطف على المضمر قبل الآن . ومن قرأ بوصل ألف الآن فهو استئناف إخبار عما يقال لهم يوم القيامة ، وهل تجزون توبيخ لهم وتوضيح أنّ الجزاء هو على كسب العبد . .
{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِى وَرَبّى إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } : أي يستخبرونك . وأحق هو الضمير عائد على العذاب . وقيل : على الشرع والقرآن . وقيل : على الوعيد ، وقيل : على أمر الساعة ، والجملة في موضع نصب فقال الزمخشري : بيقولون أحق هو فجعل يستنبئونك تتعدى إلى واحد . وقال ابن عطية : معناه يستخبرونك ، وهي على هذا تتعدّى إلى مفعولين : أحدهما الكاف ، والآخر في الابتداء ، والخبر فعلى ما قال : يكون يستنبئونك معلقة . وأصل استنبأ أن يتعدّى إلى مفعولين : أحدهما بعن ، تقول : استنبأت زيداً عن عمرو أي طلبت منه أن ينبئني عن عمرو ، والظاهر أنها معلقة