@ 164 @ الشرطية زيد عليها ما قال ابن عطية ، ولأجلها جاز دخول النون الثقيلة . ولو كانت أن وحدها لم يجز انتهى . يعني أنّ دخول النون للتأكيد إنما يكون مع زيادة ما بعد إن ، وهذا الذي ذكره مخالف لظاهر كلام سيبويه . قال ابن خروف : أجاز سيبويه الإتيان بما ، وأن لا يؤتى بها ، والإتيان بالنون مع ما وإن لا يؤتى بها ، والإراءة هنا بصرية ، ولذلك تعدى الفعل إلى اثنين ، والكاف خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ) . وبعض الذي نعدهم يعني : من العذاب في الدنيا . وقد أراه الله تعالى أنواعاً من عذاب الكفار في الدنيا قتلاً وأسراً ونهباً للأموال وسبياً للذراري ، وضرب جزية ، وتشتيت شمل بالجلاء إلى غير بلادهم ، وما يحصل لهم في الآخرة أعظم ، لأنه العذاب الدائم الذي لا ينقطع . والظاهر أنّ جواب الشرط هو قوله : فإلينا مرجعهم ، وكذا قاله الحوفي وابن عطية . قال ابن عطية : ومعنى هذه الآية الوعيد بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى أي : إن أريناك عقوبتهم أو لم نركها فهم على كل حال راجعون إلينا إلى الحساب والعذاب ، ثم مع ذلك الله شهيد من أول تكليمهم على جميع أعمالهم . فثم هاهنا لترتيب الأخبار ، لا لترتيب القصص في أنفسها . وقال الزمخشري : فإلينا مرجعهم جواب نتوفينك ، وجواب نرينك محذوف ، كأنه قيل : وإما نرينك بعض الذي نعدهم فذاك ، أو نتوفينك قبل أن نريكه ، فنحن نريك في الآخرة انتهى . فجعل الزمخشري الكلام شرطين لهما جوابان ، ولا حاجة إلى تقدير جواب محذوف ، لأن قوله : فإلينا مرجعهم صالح أنْ يكون جواباً للشرط والمعطوف عليه . وأيضاً فقول الزمخشري : فذاك هو اسم مفرد لا ينعقد منه جواب شرط ، فكان ينبغي أن يأتي بجملة يتضح منها جواب الشرط ، إذ لا يفهم من قوله فذاك الجزء الذي حذف المتحصل به فائدة الإسناد . وقرأ ابن أبي عبلة : ثم الله بفتح الثاء أي : هنالك . ومعنى شهادة الله على ما يفعلون مقتضاها ونتيجتها وهو العقاب ، كأنه قال : ثم الله معاقبهم ، وإلا فهو تعالى شهيد على أفعالهم في الدنيا والآخرة . ويجوز أن يكون المعنى أنه تعالى مؤد شهادته على أفعالهم يوم القيامة حتى تنطق جلودهم وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم شاهدة عليهم . .
{ وَلِكُلّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } : لما بين حال الرسول صلى الله عليه وسلم ) في قومه بين حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم ، تسلية له وتظميناً لقلبه . ودلت الآية على أنه تعالى ما أهمل أمة ، بل بعث إليها رسولاً كما قال تعالى : { وَإِن مّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } وقوله : فإذا جاء رسولهم ، إما أن كون إخباراً عن حالة ماضية فيكون ذلك في الدنيا ، ويكون المعنى : أنه بعث إلى كل أمة رسولاً يدعوهم إلى دين الله وينبئهم على توحيده ، فلما جاءهم بالبينات كذبوه ، فقضى بينهم أي : بين الرسول وأمته ، فأنجى الرسول وعذب المكذبون . وإما أن يكون على حالة مستقبلة أي : فإذا جاءهم رسولهم يوم القيامة للشهادة عليهم قضى بينهم ، أي : بين الأمة بالعدل ، فصار قوم إلى الجنة وقوم إلى النار ، فهذا هو القضاء بينهم قاله : مجاهد وغيره . ويكون كقوله تعالى : { وَجِىء بِالنَّبِيّيْنَ وَالشُّهَدَاء * وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ } . .
{ وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : الضمير في ويقولون ، عائد على مشركي قريش ومن تابعهم من منكري الشحر ، استعجلوا بما وعدوا به من العذاب على سبيل الاستبعاد ، أو على سبيل الاستخفاف ، ولذلك قالوا : إن كنتم صادقين أي : لستم صادقين فيما وعدتم به فلا يقع شيء منه . وقولهم : هذا ليشهد للقول الأول في الآية قبلها ، وأنها حكاية حال ماضية . وأنّ معنى ذلك : فإذا جاءهم الرسول وكذبوه قضى بينهم في الدنيا ، وأنّ كل رسول وعد أمته بالعذاب في الدنيا وإن هي كذبت . .
{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ } : لما التمسوا تعجيل العذاب أو تعجيل الساعة ، أمره عليه السلام أن يقول لهم : ليس ذلك إليّ ، بل ذلك إلى الله تعالى . وإذا كنت لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً فكيف أملكه لغيري ؟ أو كيف أطلع على ما لم يطلعني عليه الله ؟ ولكن لكل أمة أجل انفرد بعلمه تعالى . وتقدم الكلام على نظير قوله لكل أمة