@ 64 @ اليمن قطاناً ودوراً . .
{ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِىَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لّلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ } : كان قدام بن خالد وعبيد بن هلال والجلاس بن سويد في آخين يؤذون الرسول صلى الله عليه وسلم ) فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه فيوقع بنا . فقال الجلاس : بل نقول بما شئنا ، فإنّ محمداً أذن سامعة ، ثم نأتيه فيصدقنا فنزلت . وقيل : نزلت في نبتل بن الحرث كان ينم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ) إلى المنافقين ، فقيل له : لا تفعل ، فقال ذلك القول . وقيل : نزلت في الجلاس وزمعة بن ثابت في آخرين أرادوا أن يقعوا في الرسول وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس فحقروه ، فقالوا : لئن كان ما يقول محمّد حقاً لنحن شر من الحمير ، فغضب الغلام فقال : والله إنّ ما يقول محمد حق ، وأنتم لشر من الحمير ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فأخبره فدعاهم ، فسألهم ، فحلفوا أنّ عامراً كاذب ، وحلف عامر أنهم كذبة وقال : اللهم لا تفرق بيننا حتى يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب ، ونزلت هذه الآية يحلفون بالله لكم ليرضوكم ، فقال رجل : أذن إذا كان يسمع مقال كل أحد ، يستوي فيه الواحد والجمع قاله الجوهري . وقال الزمخشري : الأذن الرجل الذي يصدق كل ما يسمع ، ويقبل قول كل أحد ، سمي بالجارحة التي هي آلة السماع ، كان جملته أذن سامعة ونظيره قولهم للرئية : عين . وقال الشاعر : % ( قد صرت أذناً للوشاة سميعة % .
ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا .
) % .
وهذا منهم تنقيص للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، إذ وصفوه بقلة الحزامة والانخداع . وقيل : المعنى ذو أذن ، فهو على حذف مضاف قاله ابن عباس . وقيل : أذن حديد السمع ، ربما سمع مقالتنا . وقيل : أذن وصف بنى على فعل من أذن يأذن أذناً إذا استمع ، نحو أنف وشلل وارتفع . أذن على إضمار مبتدأ أي : قل هو أذن خير لكم . وهذه الإضافة نظيرها قولهم : رجل صدق ، تريد الجودة والصلاح . كأنه قيل : نعم هو أذن ، ولكن نعم الإذن . ويجوز أن يراد هو أذن في الخير والحق وما يجب سماعه وقبوله ، وليس بإذن في غير ذلك . ويدل عليه خير ورحمة في قراءة من جرها عطفاً على خير أي : هو أذن خير ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله ، قاله الزمخشري . وقرأ الحسن ومجاهد وزيد بن علي وأبو بكر عن عاصم في رواية قل : أذن بالتنوين خير بالرفع . وجوزوا في أذن أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وخير خبر ثان لذلك المحذوف أي : هو أذن هو خير لكم ، لأنه صلى الله عليه وسلم ) يقبل معاذيركم ولا يكافئكم على سوء خلتكم . وأن يكون خير صفة لأذن أي : أذن ذو خير لكم . أو على أنّ خيراً أفعل تفضيل أي : أكثر خيراً لكم ، وأن يكون أذن مبتدأ خبره خبر . وجاز أن يخبر بالنكرة عن النكرة مع حصول الفائدة فيه قاله صاحب اللوامح ، وهو جائز على تقدير حذف وصف أي : أذن لا يؤاخذكم خير لكم ، ثم وصفه تعالى بأنه يؤمن بالله ، ومن آمن بالله كان خائفاً منه لا يقدم على الإيذاء بالباطل . ويؤمن للمؤمنين أي : يسمع من المؤمنين ويسلم لهم ما يقولون ويصدقهم لكونهم مؤمنين ، فهم صادقون . ورحمة للذين آمنوا منكم ، وخص المؤمنين وإن كان رحمة للعالمين ، لأن ما حصل لهم بالإيمان بسبب الرسول لم يحصل لغيرهم ، وخصوا هنا بالذكر وإن كانوا قد دخلوا في العالمين لحصول مزيتهم . وهذه الأوصاف الثلاثة مبينة جهة الخيرية ، ومظهرة كونه صلى الله عليه وسلم ) أذن خير . وتعدية يؤمن أولاً بالباء ، وثانياً باللام . قال ابن قتيبة : هما زائدان ، والمعنى : يصدق الله ، ويصدق المؤمنين . .
وقال الزمخشري : قصد التصديق بالله الذي هو نقيض الكفر ، فعدى بالباء ، وقصد الاستماع للمؤمنين ، وإن يسلم لهم ما يقولون فعدى باللام . ألا ترى إلى قوله تعالى : { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } ما أنباه عن الباء ونحوه { فَمَا ءامَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ } { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الاْرْذَلُونَ }