@ 42 @ ( سقط : زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين ) يقال : نسأه وأنسأه إذا أخَّره ، حكاه الكسائي . قال الجوهري وأبو حاتم : النسيء فعيل بمعنى مفعول ، من نسأت الشيء فهو منسوء إذا أخرته ، ثم حول إلى نسيء كما حول مقتول إلى قتيل . ورجل ناسىء ، وقوم نسأة ، مثل فاسق وفسقة انتهى . وقيل : النسيء مصدر من أنسأ ، كالنذير من أنذر ، والنكير من أنكر ، وهو ظاهر قول الزمخشري لأنه قال : النسيء تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر . وقال الطبري : النسيء بالهمز معناه الزيادة انتهى . فإذا قلت : أنسأ الله ؛ الله أجله بمعنى أخَّر ، لزم من ذلك الزيادة في الأجل ، فليس النسيء مرادفاً للزيادة ، بل قد يكون منفرداً عنها في بعض المواضع . وإذا كان النسيء مصدراً كان الإخبار عنه بمصدر واضحاً ، وإذا كان بمعنى مفعول فلا بد من إضمار إما في النسيء أي : إن نسأ النسيء ، أو في زيادة أي : ذو زيادة . وبتقدير هذا الإضمار يرد على ما يرد على قوله . ولا يجوز أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول ، لأنه يكون المعنى : إنما المؤخر زيادة ، والمؤخر الشهر ، ولا يكون الشهر زيادة في الكفر . .
وقرأ الجمهور : النسيء مهموز على وزن فعيل . وقرأ الزهري وحميد وأبو جعفر وورش عن نافع والحلواني : النسيّ بتشديد الياء من غير همز ، وروى ذلك عن ابن كثير سهل الهمزة بإبدالها ياء ، وأدغم الياء فيها ، كما فعلوا في نبىء وخطيئة فقالوا : نبي وخطية بالإبدال والإدغام . وفي كتاب اللوامح قرأ جعفر بن محمد والزهري بإسكان السين . وقرأ مجاهد : النسوء على وزن فعول بفتح الفاء ، وهو التأخير . ورويت هذه عن طلحة والسلمي . وقول أبي وائل : إنّ النسيء رجل من بني كنانة قول ضعيف . وقول الشاعر : % ( أنسنا الناسئين على معد % .
شهور الحل نجعلها حراما .
) % .
وقال آخر : % ( نسؤ الشهور بها وكانوا أهلها % .
من قبلكم والعز لم يتحول .
) % .
وأخبر أنّ النسيء زيادة في الكفر أي : جاءت مع كفرهم بالله ، لأن الكافر إذا أحدث معصية ازداد كفراً . قال تعالى : { فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } كما أنّ المؤمن إذا أحدث طاعة ازداد إيماناً . قال تعالى : { فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } وأعاد الضمير في به على النسيء ، لا على لفظ زيادة . وقرأ ابن مسعود والأخوان وحفص : يضل مبنياً للمفعول ، وهو مناسب لقوله : زين ، وباقي السبعة مبنياً للفاعل . وابن مسعود في رواية ، والحسن ومجاهد وقتادة وعمرو بن ميمون ويعقوب : يضل أي الله ، أي : يضل به الذين كفروا اتباعهم . ورويت هذه القراءة عن : الحسن ، والأعمش ، وأبي عمرو ، وأبي رجاء . وقرأ أبو رجاء : يضل بفتحتين من ضللت بكسر اللام ، أضلَّ بفتح الضاد منقولاً ، فتحها من فتحة اللام إذ الأصل أضلل . وقرأ النخعي ومحبوب عن الحسن : نُضل بالنون المضمومة وكسر الضاد ، أي : نضل نحن . ومعنى تحريمهم عاماً وتحليلهم عاماً : لا يرادان ذلك ، كان مداولة في الشهر بعينه عام حلال وعام حرام . وقد تأول بعض الناس القصة على أنهم كانوا إذا شق عليهم توالي الأشهر الحرم أحل لهم المحرم وحرم صفراً بدلاً من المحرم ، ثم مشت الشهور مستقيمة على أسمائها المعهودة ، فإذا كان من قابل حرم المحرم على حقيقته وأحل صفر ومشت الشهور مستقيمة ، وإنَّ هذه كانت حال القوم . .
وتقدم لنا أنّ الذي انتدب أولاً للنسيء القلمس . وقال ابن عباس