@ 30 @ .
إن الله بأحوالكم حكيم لا يعطي ولا يمنع إلا عن حكمة . وقال ابن عباس : عليم بما يصلحكم ، حكيم فيما حكم في المشركين . .
{ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الاْخِرِ وَلاَ يُحَرِمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ } نزلت حين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ) بغزو الروم ، وغزا بعد نزولها تبوك . وقيل : نزلت في قريظة والنضير فصالحهم ، وكانت أول جزية أصابها المسلمون ، وأول ذلك أصاب أهل الكتاب بأيدي المسلمين نفي الإيمان بالله عنهم ، لأن سبيلهم سبيل من لا يؤمن بالله ، آذ يصفونه بما لا يليق أن يوصف به قاله الكرماني . وقال الزجاج : لأنهم جعلوا له ولداً وبدلوا كتابهم ، وحرموا ما لم يحرم ، وحللوا ما لم يحلل . وقال ابن عطية : لأنهم تركوا شرائع الإسلام الذي يجب عليهم الدخول فيه ، فصار جميع مالهم في البعث وفي الله من تخيلات واعتقادات لا معنى لها ، إذْ يلقونها من غير طريقها . وأيضاً فلم تكن اعتقاداتهم مستقيمة ، لأنهم شبهوا وقالوا : عزير ابن الله وثالث ثلاثة ، وغير ذلك . ولهم أيضاً في البعث آراء كثيرة في منازل الجنة من الرهبان . وقول اليهود في النار يكون فيها أياماً انتهى . وفي الغيبان نفي عنهم الإيمان لأنهم مجسمة ، والمؤمن لا يجسم انتهى . والمنقول عن اليهود والنصارى إنكار البعث الجسماني ، فكأنهم يعتقدون البعث الروحاني ما حرم الله في كتابه ورسوله في السنة . وقيل : في التوراة والإنجيل ، لأنهم أباحوا أشياء حرمتها التوراة والإنجيل ، والرسول على هذا موسى وعيسى ، وعلى القول الأول محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقيل : ولا يحرمون الخمر والخنزير . وقيل : ولا يحرمون الكذب على الله ، قالوا : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } ، { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } وقيل : ما حرم الله من الربا وأموال الأميين ، والظاهر عموم ما حرم الله ورسوله في التوراة والإنجيل والقرآن . ولا يدينون دين الحق أي : لا يعتقدون دين الإسلام الذي هو دين الحق ، وما سواه باطل . وقيل : دين الحق دين الله ، والحق هو الله قاله : قتادة . يقال : فلان يدين بكذا أي يتخذه ديناً ويعتقده . وقال أبو عبيدة : معناه ولا يطيعون طاعة أهل الإسلام ، وكل من كان في سلطان ملك فهو على دينه وقد دان له وخضع . قال زهير : % ( لئن حللت بجوفي بني أسد % .
في دين عمرو وحلت بيننا فدك .
) % .
{ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } بيان لقوله : الذين . والظاهر اختصاص أخذ الجزية من أهل الكتاب وهم بنو إسرائيل والروم نصاً . وأجمع الناس على ذلك . وأما المجوس فقال ابن المنذر : لا أعلم خلافاً في أنّ الجزية تؤخذ منهم انتهى . وروي أنه كان بعث في المجوس نبي اسمه زرادشت ، واختلف أصحاب مالك في مجوس العرب . وأما السامرة والصابئة فالجمهور على أنهم من اليهود والنصارى تؤخذ منهم الجزية وتؤكل ذبيحتهم . وقالت فرقة : لا تؤخذ منهم جزية ، ولا تؤكل ذبائحهم . وقيل : تؤخذ منهم الجزية ، ولا تؤكل ذبائحهم . وقال الأوزاعي : تؤخذ من كل عابد وثن أو نارٍ أو جامدٍ مكذب . وقال أبو حنيفة : لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف ، وتقبل من أهل الكتاب ومن سائر كفار العجم الجزية . وقال مالك : تؤخذ من عابد النار والوثن وغير ذلك كائناً من كان من عربي تغلبي أو قرشي أو عجمي إلا المرتد . وقال الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور : لا تقبل إلا من اليهود والنصارى والمجوس فقط . والظاهر شمول جميع أهل الكتاب في إعطاء الجزية . وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : لا تؤخذ إلا من الرجال البالغين الأحرار العقلاء ، ولا تضرب على رهبان الديارات والصوامع المنقطعين . وقال مالك في الواضحة : إن كانت قد ضربت عليهم ثم انقطعوا لم تسقط ، وتضرب على رهبان الكنائس . واختلف في الشيخ الفاني ، ولم تتعرض الآية لمقدار ما على كل رأس ولا لوقت إعطائها . فأما مقدارها فذهب مالك وكثير من أهل العلم إلى ما فرضه عمر : أربعة دنانير على أهل الذهب ، وأربعون