@ 17 @ قريش ولم يبق منهم إلا مسلم أو مسالم . وقال قتادة : المراد أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة ، وغيرهم ، وهذا ضعيف إن لم يؤخذ على جهة المثال ، لأن الآية نزلت بعد بدر بكثير . وروي عن حذيفة أنه قال : لم يجىء هؤلاء بعدُ ، يريد لم ينقرضوا فهم يجيئون أبداً ويقاتلون . وقال ابن عطية : أصوب ما في هذا أن يقال : إنه لا يعني بها معين ، وإنما دفع الأمر بقتال أئمة الناكثين العهود من الكفرة إلى يوم القيامة دون تعيين ، واقتضت حال كفار العرب ومحاربي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن يكون الإشارة إليهم أولاً بقوله : أئمة الكفر ، وهم حصلوا حينئذ تحت اللفظة ، إذ الذي يتولى قتال النبي صلى الله عليه وسلم ) والدفع في صدر شريعته هو إمام كل من يكفر بذلك الشرع إلى يوم القيامة ، ثم يأتي في كل جيل من الكفار أئمة خاصة بجيل جيل انتهى . وقيل : المراد بالعهد الإسلام ، فمعناه كفروا بعد إسلامهم . ولذلك قرأ بعضهم : وإنْ نكثوا إيمانهم بالكسر ، وهو قول الزمخشري ، قال : فقاتلوا أئمة الكفر فقاتلوهم ، فوضع أئمة الكفر موضع ضميرهم ، إشعاراً بأنهم إذا نكثوا في حالة الشرك تمرداً وطغياناً وطرحاً لعادات الكرام الأوفياء من العرب ، ثم آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاروا إخواناً للمسلمين في الدين ، ثم رجعوا فارتدوا عن الإسلام ونكثوا ما بايعوا عليه من الإيمان والوفاء بالعهد ، وقعدوا يطعنون في دين الله تعالى ويقولون ليس دين محمد بشيء ، فهم أئمة الكفر وذوو الرئاسة والتقدم فيه ، لا يشق كافر غبارهم . والمشهور من مذهب مالك أنّ الذمي إذا طعن في الدين ففعل شيئاً مثل تكذيب الشريعة والسب للنبي صلى الله عليه وسلم ) ونحوه قتل . وقيل : إنْ أعلن بشيء مما هو معهود من معتقده وكفره أدب على الإعلان وترك ، وإنْ كفر بما هو ليس من معتقده كالسب ونحوه قتل . وقال أبو حنيفة : يستتاب ، واختلف إذا سب الذمي ثم أسلم تقية القتل . فالمشهور من مذهب مالك أنه يترك ، لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، وفي العتبية أنه يقتل ، ولا يكون أحسن حالاً من المسلم . .
وقرأ الحرميان وأبو عمرو : بإبدال الهمزة الثانية ياء . وروي عن نافع مد الهمزة . وقرأ باقي السبعة وابن أبي أويس عن نافع : بهمزتين ، وأدخل هشام بينهما ألفاً وأصله أأممة على وزن أفعلة جمع إمام ، أدغموا الميم في الميم فنقلت حركتها إلى الهمزة قبلها . وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف لفظ أئمة ؟ قلت : همزة بعدها همزة بين بين ، أي بين مخرج الهمزة والياء . وتحقيق الهمز هي قراءة مشهورة ، وإن لم تكن مقبولة عند البصريين ، وأما التصريح بالياء فليس بقراءة ، ولا يجوز أن تكون . ومن صرح بها فهو لاحن محرف انتهى . وذلك دأبه في تلحين المقرئين . وكيف يكون ذلك لحناً وقد قرأ به رأس البصريين النحاة أبو عمرو بن العلاء ، وقارىء مكة ابن كثير ، وقارىء مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ) نافع ، ونفى إيمانهم لما لم يثبتوا عليها ولا وفوا بها جعلوا لا أيمان لهم ، أو يكون على حذف الوصف أي : لا أيمان لهم يوفون بها . وقرأ الجمهور : بفتح الهمزة . وقرأ الحسن ، وعطاء ، وزيد بن علي ، وابن عامر : لا إيمان لهم أي لا إسلام ولا تصديق . قال أبو علي : وهذا غير قوي ، لأنه تكرار وذلك لأنه وصف أئمة الكفر بأنهم لا إيمان لهم ، فالوجه في كسر الألف أنه مصدر أمنه إيماناً ، ومنه قوله تعالى : { الَّذِى أَطْعَمَهُم مّن } فالمعنى أنهم لا يؤمنون أهل الذمة ، إذ المشركون لم يكن لهم إلا الإسلام أو السيف . قال أبو حاتم : فسر الحسن قراءته لا إسلام لهم انتهى . وكذا تبعه الزمخشري ، فقال : وقرىء لا إيمان لهم ، أي لا إسلام لهم ، ولا يعطون الأمان بعد الردة والنكث ، ولا سبيل إليه . وبقراءة الفتح استشهد أبو حنيفة على أن يمين الكافر لا يكون يميناً وعند الشافعي يمينهم يمين ، وقال : معناه أنهم لا يوفون بها بدليل الله تعالى وصفهم بالنكث لعلهم ينتهون متعلق بقوله : فقاتلوا أئمة الكفر ، أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم بعدما وجد منهم من العظائم ما وجد انتهاءهم عما هم فيه ، وهذا من كرمه سبحانه وفضله وعوده على المسيء