@ 15 @ تحتاج إلى الفاء . وقد أجاز ابن مالك في المصدرية الزمانية أن تكون شرطية وتجزم ، وأنشد على ذلك ما يدل ظاهره على صحة دعواه . وقد ذكرنا ذلك في كتاب التكميل ، وتأولنا ما استشهد به . فعلى قوله تكون زمانية شرطية : أنّ الله يحب المتقين ، يعني أن الوفاء بالعهد من أخلاق المتقين ، والتربص بهؤلاء إن استقاموا من أعمال المؤمنين ، والتقوى تتضمن الإيمان والوفاء بالعهد . .
{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } كيف تأكيد لنفي ثباتهم على العهد . والظاهر أن الفعل المحذوف بعدها هو من جنس أقرب مذكور لها ، وحذف للعلم به في كيف السابقة ، والتقدير : كيف لهم عهد وحالهم هذه ؟ وقد جاء حذف الفعل بعد كيف لدلالة المعنى عليه كقوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ } . وقال الشعر : .
ضع وخبرتماني إنما الموت بالقرى .
فكيف وهاتا هضبة وكثيب .
) % .
أي : فكيف مات وليس في قرية ؟ وقال الحطيئة : % ( فكيف ولم أعلمهم خذلوكم % .
على معظم وأن أديمكم قدّوا .
) % .
أي فكيف تلومونني على مدحهم ؟ واستغنى عن ذلك لأنه جرى في القصيدة ما دل على ما أضمر . وقدر أبو البقاء الفعل المحذوف بعد كيف بقوله : كيف تطمئنون إليهم ؟ وقدره غيره : كيف لا يقتلونهم ؟ والواو في ( وإن يظهروا ) واو الحال . وتقدم الكلام على وقوع جملة الشرط حالاً في قوله : { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } ومعنى الظهور العلو والظفر ، تقول : ظهرت على فلان علوته . والمعنى : وإنْ يقدروا عليكم ويظفروا بكم . وقرأ زيد بن علي : وإنْ يظهروا مبنياً للمفعول . لا يرقبوا : لا يحفظوا ولا يرعوا إلا عهداً أو قرابة أو حلفاً أو سياسة أو الله تعالى ، أو جؤاراً أي : رفع صوت بالتضرع ، أقوال . .
قال مجاهد وأبو مجلز : إنْ اسم الله بالسريانية وعرب . ومن ذلك قول أبي بكر حين سمع كلام مسيلمة ، فقال : هذا كلام لم يخرج من إل . وقرأت فرقة : ألا بفتح الهمزة ، وهو مصدر من فعل الأل الذي هو العهد . وقرأ عكرمة : إيلا بكسر الهمزة وياء بعدها ، فقيل : هو اسم الله تعالى . ويجوز أن يراد به إلى أبدل من أحد المضاعفين ياء ، كما قالوا في : إما إيما . قال الشاعر : % ( يا ليتما أمنا سالت نعامتها % .
إيما إلى الجنة إيما إلى نار .
) % .
قال ابن جني : ويجوز أن يكون مأخوذاً من آل يؤول إذا ساس ، أبدل من الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، أي : لا يرقبون فيكم سياسة ولا مداراة ولا ذمة ، من رأى أنّ الإل هو العهد جعله والذمة لفظين لمعنى واحد أو متقاربين ، ومن رأى أن الإل غير العهد فهما لفظان متباينان . ولما ذكر حالهم مع المؤمنين أنْ ظهروا عليهم ذكر حالهم معهم ذا كانوا غير ظاهرين ، فقال : يرضونكم بأفواههم . واستأنف هذا الكلام أي : حالهم في الظاهر يخالف لباطنهم ، وهذا كله تقرير واستبعاد لثبات قلوبهم على العهد ، وإباء القلب مخالفته لما يجري على اللسان من القول الحسن . وقيل : يرضونكم بأفواههم في العدة بالإيمان ، وتأبى قلوبهم إلا الكفر . وقيل : يرضونكم في الطاعة ، وتأبى قلوبهم