@ 473 @ عليم لما كاوا قد أقبلوا على المفاخر بقتل من قتلوا وأسر من أسروا وكان ربما قد لا يخلص العمل من بعض المقاتلين إما لقتال حميّة وإما لدفع عن نفس أو ما ختمت بهاتين الصفتين فقيل إن الله سميع عليم لكلامكم وما تفخرون به عليم بما انطوت عليه الضمائر ومن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا . .
{ ذالِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ } قال : ذلكم إشارة إلى البلاء الحسن ومحله الرفع وأنّ الله موهن معطوف على وليبلي يعني أنّ الغرض إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين انتهى ، وقال ابن عطية ذلكم إشارة إلى ما تقدم من قتل الله ورميه إياهم وموضع ذلك من الإعراب رفع قال سيبويه : التقدير الأمر ذلكم ، وقال بعض النحويين يجوز أن يكون في موضع نصب بتقدير فعل ذلك وأنّ معطوف على ذلكم ويحتمل أن يكون خبر مبتدأ مقدّر تقديره وحتم وسابق وثابت ونحو هذا انتهى ، وقال الحوفي ذلكم رفع بالابتداء والخبر محذوف والتقدير ذلكم الأمر ويجوز أن يكون ذلكم الخبر والأمر الابتداء ويجوز أن يكون في موضع نصب تقديره فعلنا ذلكم والإشارة إلى القتل و إلى إبلاء المؤمنين بلاء حسناً وفي فتح أن وجهان النصب والرفع عطفاً على ذلكم على حسب التقديرين أو على إضمار فعل تقديره واعلموا أنّ الله موهن انتهى ، وقرأ الحرميان وأبو عمر وموهن من وهن والتعدية بالتضعيف فيما عينه حرف حلق غير الهمزة قليل نحو ضعفت ووهنت وبابه أن يعدى بالهمزة نحو أذهلته وأوهنته وألحمته ، وقرأ باقي السبعة والحسن وأبو رجاء والأعمش وابن محيصن من أوهن وأضافه حفص . .
{ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِىَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ } تقدّم ذكر المؤمنين والكافرين وسبق الخطاب للمؤمنين بقوله فلم تقتلوهم وبقوله ذلكم فحملة قوم على أنه خطاب للمؤمنين ويؤيده قوله فقد جاءكم الفتح إذ لا يليق هذا الخطاب إلا بالمؤمنين على إرادة النصر بالاستفتاح وأنّ حمله على البيان والحكم ناسب أن يكون خطاباً للكفار والمؤمنين فإذا كان خطاباً للمؤمنين فالمعنى أن تستنصروا فقد جاءكم النصر وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتموه في الغنائم والأسرى قبل الإذن فهو خير لكم وإن تعودوا إلى مثل ذلك نعد إلى توبيخكم كما قال لولا كتاب من الله سبق الآية ثم أعلمهم أنّ الفئة وهي الجماعة لا تغني وإن كثرت إلا بنصر الله ومعونته ثم آنسهم بإخباره أنه تعالى مع المؤمنين ، وقال الأكثرون هي خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم وذلك أنه حين أرادوا أن ينفروا تعلّقوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهم انصر أقرانا للضيف وأوصلنا للرحم وأفكنا للعاني إن كان محمد على حقّ فانصره وإن كنا على حقّ فانصرنا ، ورُوي أنهم قالوا : اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين ، ورُوي أن أبا جهل قال صبيحة يوم بدر : اللهم أينا كان أهجر وأقطع للرحم فاحِنه اليوم أي فأهلكه ، وروي عنه دعا شبه هذا ، وقال الحسن ومجاهد وغيرهما : كان هذا القول من قريش وقت خروجهم لنصرة العير ، وقال النضر بن الحرث : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك الآية وهو ممن قتل يوم بدر ، وعلى هذا القول يكون معنى قوله فقد جاءكم الفتح ولكنه كان للمسلمين عليكم ، وقيل معناه : فقد جاءكم ما بان لكم به الأمر واستقرّ به الحكم وانكشف لكم الحقّ به ، ويكون الاستفتاح على هذا بمعنى الحكم والقضاء وإن انتهوا عن الكفر وإن تعودوا إلى هذا القول وقتال محمد بعد نعد إلى نصر المؤمنين وخذلانكم ، وقالت فرقة : إن تستفتحوا خطاب للمؤمنين وإن تنتهوا خطاب للكافرين أي وإن تنتهوا عن عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فهو خير لكم وإن تعودوا لمحاربته نعد لنصرته عليكم ، وقال الكرماني : وإن تنتهوا عن أمر الأنفال وفداء الأسرى ببدر وإن تعودوا إلى معصية الله نعد إلى الإنكار وقرىء : ولن يغني بالياء لأنّ التأنيث مجاز وحسنه الفصل ، وقرأ الصاحبان وحفص : وأن الله بفتح الهمزة وباقي السبعة بكسرها وابن مسعود والله مع المؤمنين . .
{ الْمُؤْمِنِينَ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } لما تقدّم قوله وإن تنتهوا