@ 447 @ الإنس لا يعودون الشياطين انتهى ، ويمكن أن يتعلق في الغيّ على هذا التأويل بقوله يمدّونهم على أن تكون في للسببية أي يمدّونهم بسبب غوايتهم نحو دخلت امرأة النار في هرة أي بسبب هرة ، ويحتمل أن يكون في الغيّ حالاً فيتعلق بمحذوف أي كائنين ومستقرين في الغيّ فيبقى في الغيّ في موضعه لا يكون منعلقاً بقوله وإخوانهم وقد جوز ذلك ابن عطية وعندي في ذلك نظر فلو قلت : مطعمك زيد لحماً تريد مطعمك لحماً زيد فتفصل بين المبتدأ ومعموله بالخبر لكان في جواز نظر لأنك فصلت بين العامل والمعمول بأجنبي لهما معاً وإن كان ليس أجنبياً لأحدهما الذي هو المبتدأ ويحتمل أن يختلف الضمير فيكون في وإخوانهم عائد على الشياطين الدالّ عليهم الشيطان أو على الشيطان نفسه باعتبار أنه يراد به الجنس نحو قوله : أولياؤهم الطاغوت المعنى الطواغيت ويكون في يمدّونهم عائد على الكفار والواو في يمدّونهم عائدة على الشياطين وإخوان الشياطين يمدّونهم الشياطين ويكون الخبر جرى على غير من هو له ، لأن الإمداد مسند إلى الشياطين لا لإخوانهم وهذا نظير قوله : .
قوم إذا الخيل جالوا في كواثيها .
وهذا الاحتمال هو قول الجمهور وعليه فسّر الطبري ، وقال الزمخشري : هو أوجه لأن إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا ، وقرأ نافع يمدونهم مضارع أمدّ ، وباقي السبعة يمدونهم من مدّ وتقدم الكلام على ذلك في قوله ويمدّهم في طغيانهم يعمهون ، وقرأ الجحدري يمادّونهم من مادّ على وزن فاعل ، وقرأ الجمهور : لا يقصرون من أقصر أي كفّ . قال الشاعر : % ( لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر % .
ولا مقصر يوماً فيأتيني بقر .
) % .
أي ولا هو نازع عما هو فيه ، وقرأ ابن أبي عبلة وعيسى بن عمر ثم لا يقصّرون من قصر أي ثم لا ينقصون من إمدادهم وغوايتهم وقد أبعد الزجاج في دعواه أن قوله وإخوانهم الآية متصل بقوله { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } ولا حاجة إلى تكلف ذلك بل هو كلام متناسق أخذ بعضه بعنق بعض لما بين حال المتّقين مع الشياطين بين حال غير المتقين معهم وأن أولئك ينفس ما يمسهم من الشيطان ماس أقلعوا على الفور وهؤلاء في إمداد من الغيّ وعدم نزوع عنه . .
{ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا } . روى أنّ الوحي كان يتأخر عن النبي صلى الله عليه وسلم ) أحياناً فكان الكفار يقولون : هلا اجتبيتها ومعنى اللفظة في كلام العرب تخيرتها واصطفيتها ، وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم : المراد هلا اخترعتها واختلقتها من قبلك ومن عند نفسك والمعنى أنّ كلامك كله كذلك على ما كانت قريش تدعيه كما قالوا ما هذا إلا إفك مفتري ، قال الفرّاء تقول العرب اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته إذا افتعلته من قبل نفسك ، وقال الزمخشري : اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه أي جمعه كقوله اجتمع أو جبى إليه فاجتباه أي أخذه كقولك : جليت العروس إليه