@ 424 @ والأظهر العموم . .
{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } . أي فاسرد أخبار القرون الماضية كخبر بلعام أو من فسّر به المنسلخ إذ هو من القصص الذي لا يعلمه إلا من درس الكتب إذ هو من خفي أخبارهم ففي إخبارك بذلك أعظم معجز لعلهم يتفكرون فيما جرى على المكذبين فيكون ذلك عبرة لهم ورادعاً عن التكذيب وأن يكونوا أخباراً شنيعة تقصّ كما قصّ خبر ذلك المنسلخ . .
{ سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا } ساء بمعنى بئس وتقدم لنا أن أصلها التعدّي تقول : ساءني الشيء يسوءني ثم لما استعملت استعمال بئس بنيت على فعل وجرت عليها أحكام بئس ومثلاً تمييز للضمير المستكنّ في ساء فاعلاً وهو مفسر بهذا التمييز وهو من الضمائر التي يفسرها ما بعدها ولا يثنّي ولا يجمع على مذهب البصريين وعن الكوفيين خلاف مذكور في النحو ولا بد أن يكون المخصوص بالذمّ من جنس التمييز فاحتيج إلى تقدير حذف أما في التمييز أي ساء أصحاب مثل القوم وأما في المخصوص أي ساء مثلاً مثل القوم وهذه الجملة تأكيد للجملة السابقة ، وقال أبو عبد الله الرازي ظاهره يقتضي أن يكون ذلك المثل موصوفاً بالسوء وذلك غير جائز لأن هذا المثل ذكره الله تعالى فكيف يكون موصوفاً بالسوء فوجب أن يكون الموصوف بالسوء ما أفاده المثل من تكذيبهم بآيات الله وإعراضهم عنها حتى صاروا في التمثيل لذلك بمنزلة الكلب اللاهث انتهى وليس كما ذكر ليس هنا ضرب مثل والمثل لفظ مشترك بين الوصف وبين ما يضرب مثلاً والمراد هنا الوصف فمعنى مثله كمثل الكلب أي وصفه وصف الكلب وليس هذا من ضرب المثل بل كما قال مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً أي صفتهم كصفة الذي استوقد وكقوله مثل الجنة التي وعد المتقون أي صفتها وإذا تقرر هذا فقوله ساء مثلاً معناه بئس وصفاً فليس من ضرب المثل في شيء ، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر والأعمش : ساء مثل بالرفع { الْقَوْمَ } بالخفض واختلف على الجحدري فقيل : كقراءة الأعمش ، وقيل : بكسر الميم وسكون الثاء وضم اللام مضافاً إلى { الْقَوْمَ } والأحسن في قراءة المثل بالرفع أن يكتفى به ويجعل من باب التعجب نحو لقضو الرجل أي ما أسوأ مثل القوم ويجوز أن يكون كبئس على حذف التمييز على مذهب من يجيزه التقدير ساء مثل القوم أو على أن يكون المخصوص { الَّذِينَ كَذَبُواْ } على حذف مضاف أي بئس مثل القوم مثل { الَّذِينَ } كذبوا لتكون الذين مرفوعاً إذ قام مقام مثل المحذوف لا مجروراً صفة للقوم على تقدير حذف التمييز . .
{ وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } يحتمل أن يكون معطوفاً على الصلة ويحتمل ن يكون استئناف إخبار عنهم بأنهم كانوا يظلمون أنفسهم والزمخشري على طريقته في أنّ تقديم المفعول يدلّ على الحصر فقدره وما ظلموا إلا أنفسهم بالتكذيب ، قال : وتقديم المفعول به لاختصاص كأنه قيل وخصُّوا أنفسهم بالظلم ولم يتعدّ إلى غيرها . .
{ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِى وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } لما تقدم ذكر المهتدين والضالين حبر تعالى : أنه هو المتصرف فيهم بما شاء من هداية وضلال وتقرّر من مذهب أهل السنة أنه تعالى هو خالق الهداية والضلال في العبد وللمعتزلة في هذا ونظائره تأويلات ، قال الجبائي : وهو اختيار القاضي { مَن يَهْدِ اللَّهُ } إلى الجنة والثواب في الآخرة { فَهُوَ الْمُهْتَدِى } في الدنيا السالك طريق الرشد فيما كلف فبين أنه لا يهدي إلى الثواب في الآخرة إلا من هذا وصفه ومن يضلله عن طريق الجنة { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } ، وقال بعضهم : في الكلام حذف أي { مَن يَهْدِ اللَّهُ } فيقبل ويهتدي بهداه { فَهُوَ الْمُهْتَدِى وَمَن يُضْلِلْ } بأن لم يقبل فهو الخاسر ، وقال بعضهم : المراد من وصفه الله بأنه مهتدٍ { فَهُوَ الْمُهْتَدِى } لأنّ ذلك مدح ومدح الله لا يحصل إلا في حق من كان موصوفاً بذلك { وَمَن يُضْلِلِ } أي ومن يصفه بكونه ضالاًّ فهو الخاسر ، وقال بعضهم : من آتيناه الألطاف وزيادة الهدى { فَهُوَ الْمُهْتَدِى } { وَمَن يُضْلِلِ } عن ذلك لما تقدم منه بسوء اختياره فأخرج لهذا السبب تلك الألطاف من أن تؤثر فيه فهو الخاسر وهذه التأويلات كلها متكلفة بعيدة وظاهر الآية يرد على القدرية والمعتزلة و { فَهُوَ الْمُهْتَدِى } حمل على لفظ من و { فَأُوْلَئِكَ هُمُ