@ 308 @ الشر ، وقال الزمخشري : يفعل بهم فعل الناسين الذين ينسون عبيدهم من الخير لا يذكرونهم به { كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَاذَا } كما فعلوا بلقائه فعل الناسين فلم يخطروه ببالهم ولم يهتمّوا به ، وقال الحسن والسدّي أيضاً والأكثرون تتركهم في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم انتهى ، وإن قدر النسيان بمعنى الذهول من الكفرة فهو في جهة الله بتسمية العقوبة باسم الذنب { وَمَا كَانُواْ } معطوف على ما نسوا وما فيهما مصدرية ويظهر أنّ الكاف في { كَمَا } للتعليل . .
{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } الضمير في { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ } عائد على من تقدم ذكره ويكون الكتاب على هذا جنساً أي { بِكِتَابٍ } إلهي إذ الضمير عام في الكفار ، وقال يحيى بن سلام الضمير لمكذبي محمد صلى الله عليه وسلم ) وهو ابتداء كلام وتمّ الكلام عند قوله { يَجْحَدُونَ } والكتاب هو القرآن و { فَصَّلْنَاهُ } عالمين كيفية تفصيله من أحكام ومواعظ وقصص وسائر معانيه ، وقيل : { فَصَّلْنَاهُ } بإيضاح الحق من الباطل ، وقيل : نزلناه في فصول مختلفة . وقرأ ابن محيصن والجحدري فضلناه بالضاد المنقوطة والمعنى فضلناه على جميع الكتب عالمين بأنه أهل للتفضيل عليها وفي التحرير أنه فضل على سائر الكتب المنزلة بثلاثين خصلة لم تكن في غيره و { فَصَّلْنَاهُ } صفة لكتاب وعلى علم الظاهر أنه حال من فاعل { فَصَّلْنَاهُ } وقيل التقدير مشتملاً على علم فيكون حالاً من المفعول وانتصب { هُدًى وَرَحْمَةً } على الحال ، وقيل مفعول من أجله ، وقرىء بالرفع أي هو { هُدًى وَرَحْمَةً } ، وقرأ زيد بن عليّ هدى ورحمة بالخفض على البدل من كتاب أو النعت وعلى النعت لكتاب خرّجه الكسائي والفرّاء رحمهما الله . .
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي مآل أمره وعاقبته قاله قتادة ومجاهد وغيرهما ، قال ابن عباس مآله يوم القيامة . وقال السدّي في الدنيا كوقعة بدر ويوم القيامة أيضاً ، وقال الزمخشري ما يؤول إليه من تبيين صدقه وظهور صحته ما نطق به من الوعد الوعيد والتأويل مادته همزة وواو ولام من آل يؤول ، وقال الخطابي : أوّلت الشيء رددته إلى أوّله فاللفظة مأخوذة من الأول انتهى وهو خطأ لاختلاف المادتين . .
{ يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بِالْحَقّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا } أي يظهر عاقبة ما أخبر به من الوعد والوعيد وذلك يوم القيامة يسأل تاركوا أتباع الرسول هل لنا من شفعاء سؤالاً عن وجه الخلاص في وقت أن لا خلاص وفي الكلام حذف أي لقد جاءت رسل ربّنا بالحق ولم نصدقهم أو ولم نتبعهم { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء } والرّسل هنا الأنبياء أخبروا يوم القيامة أنّ الذي جاءتهم به رسلهم هو الحق . وقيل : ملائكة العذاب عند المعاينة ما أنذروا به ، وقرأ الجمهور { أَوْ نُرَدُّ } برفع الدّال فنعمل بنصب اللام عطف جملة فعلية على جملة اسمية وتقدّمهما استفهام فانتصب الجوابان أي هل شفعاء لنا فيشفعوا لنا في الخلاص من العذاب أو هل نرد إلى الدّنيا فنعمل عملاً صالحاً ، وقرأ الحسن : فيما نقل الزمخشري بنصب الدال ورفع اللام ، وقرأ الحسن فيما نقل ابن عطية وغيره برفعهما عطف { فَنَعْمَلَ } على { نُرَدُّ } ، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو حيوة بنصبهما فنصب { أَوْ نُرَدُّ } عطفاً على { فَيَشْفَعُواْ لَنَا } جواباً على جواب فيكون الشفعاء في أحد أمرين إما في الخلاص من العذاب وإما من الرّد إلى الدنيا لاستئناف العمل الصالح وتكون الشفاعة قد انسحبت على الردّ أو الخلاص و { فَنَعْمَلَ } عطف على فنرد