@ 298 @ فاختلف مدلول في إذ الأولى تفيد الصحبة والثانية تفيد الظّرفية وإذا اختلف مدلول الحرف جاز أن يتعلق اللفظان بفعل واحد ويكون إذ ذاك { أَدْخِلُواْ } قد تعدّى إلى الظرف المختص بفي وهو الأصل وإن كان قد تعدّى في موضع آخر بنفسه لا بوساطة في كقوله { وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ } { ادْخُلُواْ أَبْوابَ جَهَنَّمَ } ويجوز أن تكون في باقية على مدلولها من الظرفية و { فِى النَّارِ } كذلك ويتعلّقان بلفظ { أَدْخِلُواْ } وذلك على أن يكون { فِى النَّارِ } بدل اشتمال كقوله قتل أصحاب الأخدود النار ويجوز أن يتعدّى الفعل إلى حرفي جرّ بمعنى واحد على طريقة البدل . { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } { كُلَّمَا } للتّكرار ولا يستوي ذلك في الأمة الأولى فاللاحقة تلعن السابقة أو يلعن بعض الأمة الدّاخلة بعضها ومعنى { أُخْتَهَا } أي في الدين والمعنى كلما دخلت أمة من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان وغيرهم من الكفار ، وقال الزمخشري : { أُخْتَهَا } التي ضلّت بالاقتداء بها انتهى ، والمعنى أنّ أهل النار يلعن بعضهم بعضاً ويعادي بعضهم بعضاً ويكفر بعضهم ببعض ، كما جاء في آيات أخر . .
{ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لاْولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَئَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مّنَ النَّارِ } { حَتَّى } غاية لما قبلها والمعنى أنهم يدخلون فوجاً ففوجاً لاعناً بعضهم بعضاً إلى انتهاء تداركهم وتلاحقهم في النار واجتماعهم فيها وأصل { ادَّارَكُواْ } تداركوا أدغمت التاء في الدّال فاجتلبت همزة الوصل ، قال ابن عطية ، وقرأ أبو عمرو { * وادّاركوا } بقطع ألف الوصل ، قال أبو الفتح : هذا مشكل ولا يسوغ أن يقطعها ارتجالاً فذلك إنما يجيء شاذّاً في ضرورة الشّعر في الاسم أيضاً لكنّه وقف مثل وقفة المستنكر ثم ابتدأ فقطع ، وقرأ مجاهد بقطع الألف وسكون الدّال وفتح الراء بمعنى أدرك بعضهم بعضاً ، وقرأ حميد أدركوا بضمّ الهمزة وكسر الرّاء أي ادخلوا في إدْراكها ، وقال مكي في قراءة مجاهد : إنها ادّركوا بشدّ الدال المفتوحة وفتح الرّاء قال وأصلها ادتركوا وزنها افتعلوا ، وقرأ ابن مسعود والأعمش تداركوا ورويت عن أبي عمر انتهى ، وقال أبو البقاء ، وقرىء إذا { إِذَا ادَّارَكُواْ } بألف واحدة ساكنة والدّال بعدها مشدّدة وهو جمع بين ساكنين وجاز في المنفصل كما جاز في المتصل ، وقد قال : بعضهم اثنا عشر بإثبات الألف وسكون العين انتهى ويعني بقوله كما جاز في المتصل نحو الضالين وجان و { أُخْرَاهُمْ } الأمّة الأخيرة في الزمان التي وجدت ضلالات مقررة مستعملة { لاْولَاهُمْ } التي شرعت ذلك وافترت وسلكت سبيل الضّلال ابتداء أو { أُخْرَاهُمْ } منزلة ورتبة وهم الأتباع والسفلة { لاْولَاهُمْ } منزلة ورتبة وهم القادة المتبوعون ، أو { أُخْرَاهُمْ } في الدّخول إلى النار وهم { * الأتباع } { أُخْرَاهُمْ لاْولَاهُمْ } دخولاً وهم القادة أقوال آخرها لمقاتل ، وقال ابن عباس : آخر أمة لأول أمة وأخرى هنا بمعنى آخرة مؤنّث آخر فمقابل أوّل لا مؤنث له آخر بمعنى غير لقوله { وِزْرَ أُخْرَى } واللام في { لاْولَاهُمْ } لام السبب أي لأجل أولاهم لأنّ خطابهم مع الله لا