@ 295 @ .
شربت الإثم حتى زلّ عقلي .
وهو بيت مصنوع مختلَق وإن صحّ فهو على حذف مضاف أي موجب الإثم ولا يذلّ قول ابن عباس والحسن { الإِثْمِ } الخمر على أنه من أسمائها إذ يكون ذلك من إطلاق المسبب على السبب وأنكر أبو العباس أن يكون { الإِثْمِ } من أسماء الخمر وقال الفضل : { الإِثْمِ } الخمر ، وأنشد : % ( نهانا رسول الله أن نقرب الخنا % .
وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا .
) % .
وأنشد الأصمعي أيضاً : % ( ورحت حزيناً ذاهل العقل بعدهم % .
كأني شربت الإثم أو مسّني خبل .
) % .
قال : وقد تسمّى الخمر إثماً وأنشد : .
شربت الإثم حتى زلّ عقلي .
وقال ابن عباس والفراء : { الْبَغْىُ } الاستطالة ، وقال الحسن : السّكر من كل شراب ، وقال ثعلب : تكلم الرّجل في الرجل بغير الحقّ إلا أن ينتصر منه بحق ، وقيل : الظّلم والكبر ، قاله الزمخشري ، وقال وأفردوه بالذكر كما قال تعالى : { وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى } . وقال ابن عطية : { الْبَغْىُ } التعدّي وتجاوز الحدّ مبتدئاً كان أو منتصراً وقوله { بِغَيْرِ الْحَقّ } زيادة بيان وليس يتصور بغي بحق لأن ما كان بحقّ لا يسمى بغياً وتقدّم تفسير { مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَاناً } في الأنعام ، وقال الزمخشري فيه تهكّم لأنه لا يجوز أن ينزل برهاناً بأن يشرك به غيره ما لا تعلمون من تحريم البحائر وغيرها ، وقال ابن عباس أراد بذلك أنّ الملائكة بنات الله ، وقيل قولهم أنه حرّم عليهم مآكل وملابس ومشارب في الإحرام من قبل أنفسهم . { وَلِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } هذا وعيد لأهل مكّة بالعذاب النازل في أجل معلوم عند الله كما نزل بالأمم أي أجل مؤثت لمجيء العذاب إذا خالفوا أمر ربهم فأنتم أيتها الأمّة كذلك ، وقيل : الأجل هنا أجل الدّنيا التقدير : كلّها أجل أي يقدّمون فيه على ما قدموا من عمل ، وقيل : الأجل مدّة العمر والتقدير ولكل واحد من الأمة عمر ينتهي إليه بقاؤه في الدّنيا وإذا مات علم ما كان عليه من حقّ أو باطل ، وقال ابن عطية : أي فرقة وجماعة وهي لفظة تستعمل في الكثير من الناس ، وقال غيره : والأمة الجماعة قلّوا أو كثروا وقد يطلق على الواحد كقوله في قس بن ساعدة يبعث يوم القيامة أمّة وحده وأفرد الأجل لأنه اسم جنس أو لتقارب أعمال أهل كل عصر أو لكون التقدير لكل واحد من أمة ، وقرأ الحسن وابن سيرين فإذا جاء آجالهم بالجمع وقال ساعة لأنها أقلّ الأوقات في استعمال الناس يقول المستعجل لصاحبه في ساعة يريد في أقصر وقت وأقربه قاله الزمخشري ، وقال ابن عطية لفظ عنى به الجزء القليل من الزمان والمراد جمع أجزائه انتهى ، والمضارع المنفي بلا إذا وقع في الظاهر جواباً لإذا يجوز أن يتلقى بفاء الجزاء ويجوز أن لا يتلقى بها وينبغي أن يعتقد أنّ بين الفاء والفعل مبتدأ محذوفاً وتكون الجملة إذ ذاك إسميّة والجملة الإسمية إذا وقعت جواباً لإذا فلا بد فيها من الفاء أو إذا الفجائية ، قال بعضهم : ودخلت الفاء على إذا حيث وقع إلا في يونس لأنها عطفت جملة على جملة بينهما اتصال وتعقيب فكان الموضع موضع الفاء وما في يونس يأتي في موضعه إن شاء الله انتهى ، وقال الحوفي { وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } معطوف على { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ } انتهى ، وهذا لا يمكن لأنّ إذا شرطيّة فالذي يترتب عليها إنما هو مستقبل ولا يترتب على مجيء الأجل في المستقبل إلا مستقبل وذلك يتصور في انتفاء الاستئخار لا في انتفاء الاستقدام لأنّ الاستقدام سابق على مجيء الأجل في الاستقبال فيصير نظير قولك إذا قمت في المستقبل لم يتقدّم قيامك في الماضي ومعلوم أنه إذا قام في المستقبل لم يتقدّم قيامه هذا في الماضي وهذا شبيه بقول زهير : % ( بدا لي أني لست مدرك ما مضى % .
ولا سابقاً شيئاً إذا كان جائيا .
) % .
ومعلوم أن لشيء اذا كان جاثيا إليه لا يسبقه والذي تخرج عليه الآية أن قوله { وَلاَ } منقطع من الجواب على سبيل استئناف إخبار أي لا يستقدمون الأجل أي لا يسبقونه وصار معنى الأية .
أنهم لا يسبقون