@ 293 @ وأعطِ كلّ بدن ما عودته ) فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيّكم لجالينوس طبّاً . .
{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرّزْقِ } { زِينَةَ اللَّهِ } ما حسنته الشريعة وقررته مما يتجمل به من الثياب وغيرها وأضيفت إلى الله لأنه هو الذي أباحها والطيّبات هي المستلذات من المأكول والمشروب بطريقة وهو الحل ، وقيل : الطيبات المحلّلات ومعنى الاستفهام إنكار تحريم هذه الأشياء وتوبيخ محرميها وقد كانوا يحرمون أشياء من لحوم الطّيبات وألبانها والاستفهام إذا تضمّن الإنكار لا جواب له وتوهم مكي هنا أن له جواباً هنا وهو قوله { قُلْ هِى } توهم فاسد ومعنى { أَخْرَجَ } أبرزها وأظهرها ، وقيل فصل حلالها من حرامها . .
{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ } قرأ قتادة { قُلْ هِى } لمن آمن ، وقرأ نافع { خَالِصَةٌ } بالرفع ، وقرأ باقي السبعة بالنصب فأما النصب فعلى الحال والتقدير { قُلْ هِى } مستقرّة { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } في حال خلوصها لهم يوم القيامة وهي حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبراً لهي { وَفِى * الْحَيَواةَ } متعلق بآمنوا ويصير المعنى قل هي خالصة يوم القيامة لمن آمن في الدّنيا ولا يعني بيوم القيامة وقت الحساب وخلوصها كونهم لا يعاقبون عليها وإلى هذا المعنى يشير تفسير ابن جبير ، وجوّزوا فيه أن يكون خبراً بعد خبر والخبر الأوّل هو { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } { وَفِى * قَالُواْ لَن } متعلق بما تعلق به للذين وهو الكون المطلق أي قل هي كائنة في الحياة الدنيا للمؤمنين وإن كان يشركهم فيها في الحياة الدّنيا الكفّار { وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } ويراد بيوم القيامة استمرار الكون في الجنة وهذا المعنى من أنها لهم ولغيرهم في الدّنيا خالصة لهم يوم القيامة هو قول ابن عباس والضحّاك وقتادة والحسن وابن جريج وابن زيد وعلى هذا المعنى فسر الزمخشري ، ( فإن قلت ) : إذا كان معنى الآية أنها لهم في الدنيا على الشركة بينهم وبين الكفار فكيف جاء { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ } ، ( فالجواب ) : من وجوه ، أحدها : إنّ في الكلام حذفاً تقديره قل هي للمؤمنين والكافرين في الدنيا خالصة للمؤمنين في القيامة لا يشاركون فيها قاله الكرماني ، الثاني : إنّ ما تعلق به { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } ليس كوناً مطلقاً بل كوناه مقيّداً يدلّ على حذفه مقابله وهو { خَالِصَةٌ } تقديره قل هي غير خالصة للذين آمنوا قاله الزمخشري قال : قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا غير خالصة لهم لأنّ المشركين شركاؤهم فيها خالصة يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد ثم قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : هلا قيل للذين آمنوا ولغيرهم ، ( قلت ) : النية على أنها خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة وأنّ الكفرة تبع لهم كقوله تعالى { وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } انتهى وجواب الزمخشري هو للتبريزي رحمه الله ، قال التبريزي معنى الآية أنها للمؤمنين خالصة في الآخرة لا يشركهم الكفّار فيها هذا وإن كان مفهومه الشركة بين الذين آمنوا والذين أشركوا وهو كذلك لأنّ الدّنيا عرض حاضر يأكل منها البرّ والفاجر إلا أنه أضاف إلى المؤمنين ولم يذكر الشّركة بينهم وبين الذين أشركوا في الدنيا تنبيهاً على أنه إنما خلقها للذين آمنوا بطريق الأصالة والكفّار تبع لهم فيها في الدنيا ولذلك خاطب الله المؤمنين بقوله تعالى : { هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الاْرْضِ جَمِيعاً } انتهى ، وقال أبو عليّ في الحجة ويصح أن يعلق قوله { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ } بقوله { حَرَّمَ } ولا يصح أن يتعلق بقوله { أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } ويجوز ذلك وإن فصل بين الصلة والموصول بقوله { قُلْ مَنْ حَرَّمَ } لأنّ ذلك كلام يشدّ القصة وليس بأجنبي منها جدّاً كما جاز ذلك في قوله { وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيّئَاتِ جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } فقوله : { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } معطوف على كسبوا