@ 284 @ بإسقاط ذلك فهو مبتدأ وخبر والظاهر حمله على اللباس حقيقة ، فقال ابن زيد هو ستر العورة وهذا فيه تكرار لأنه قد قال { لِبَاسًا يُوارِى سَوْءتِكُمْ } ، وقال زيد بن علي : الدّرع والمغفر والساعدان لأنه يتقي بها في الحرب . وقيل : الصّوف ولبس الخشن ، وروي اخشوشنوا وكلوا الطعام الخشن ، وقيل ما يقي من الحرّ والبرد ، وقال عثمان بن عطاء : لباس المتقين في الآخرة ، وقيل لباس التقوى مجاز ، وقال ابن عباس : العمل الصالح ، وقال أيضاً : العفة ، وقال عثمان بن عفّان وابن عباس أيضاً : السّمت الحسن في الوجه ، وقال معبد الجهني : الحياء ، وقال الحسن : الورع والسّمت الحسن ، وقال عروة بن الزبير : خشية الله ، وقال ابن جريج : الإيمان ، وقيل ما يظهر من السكينة والإخبات ، وقال يحيى بن يحيى : الخشوع والأحسن أن يجعل عاماً فكلّ ما يحصل به الاتقاء المشروع فهو من لباس التقوى والإشارة بقوله ذلك من آيات الله إلى ما تقدّم من إنزال اللباس والرّياش ولباس التقوى والمعنى من آيات الله الدالّة على فضله ورحمته على عباده ، وقيل : من موجب آيات الله ، وقيل : الإشارة إلى { لِبَاسَ * التَّقْوَى } أي هو في العبر آية أي علامة وأمارة من الله أنه قد رضي عنه ورحمه لعلهم يذكرون هذه النعم فيشكرون الله عليها . .
{ يَذَّكَّرُونَ يَابَنِى آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءتِهِمَا } . أي لا يستهوينّكم ويغلب عليكم وهو نهي للشيطان والمعنى نهيهم أنفسهم عن الإصغاء إليه والطواعية لأمره كما قالوا لا أرينك هنا ومعناه النهي عن الإقامة بحيث يراه ، وكما في موضع نصب أي فتنة مثل فتنة إخراج أبويكم ويجوز أن يكون المعنى لا يخرجنّكم عن الدين بفتنته إخراجاً مثل إخراجه أبويكم ، وقرأ يحيى وإبراهيم : { لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ } بضمّ الياء من أفتن ، وقرأ زيد بن علي : لا يفتنكم بغير نون توكيد والظاهر أنّ لباسهما هو الذي كان عليهما في الجنة ، وقال مجاهد هو لباس التقوى { * وسوءاتهما } هو ما يسوءهما من المعصية وينزع حال من الضمير في { كَمَا أَخْرَجَ } أو من { أَبَوَيْكُم } لأنّ الجملة فيها ضمير الشيطان وضمير الأبوين فلو كان بدل ينزع نازعاً تعين الأول لأنه إذ ذاك لوجوز الثاني لكان وصفاً جرى على غير من هوله فكان يجب إبراز الضمير وذلك على مذهب البصريين وينزع حكاية أمر قد وقع لأنّ نزع اللباس عنهما كان قبل الإخراج ونسب النزع إلى الشيطان لما كان متسبباً فيه . { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } أي إنّ الشيطان وهو إبليس يبصركم هو وجنوده ونوعه وذريته من الجهة التي لا تبصرونه منها وهم أجسام لطيفة معلوم من هذه الشريعة وجودهم ، كما أنّ الملائكة أيضاً معلوم وجودهم من هذه