@ 209 @ لسان العرب ، أن لا تدخل اللام على ما وقل دخولها على ما ، فلا تقول إن اللام حذفت منه بل إنما أدخلوها على ما تشبيهاً للمنفى بما بالموجب ، ألا ترى أنه إذا كان النفي بلم لم تدخل اللام على لم فدل على أن أصل المنفي أن لا تدخل عليه اللام و { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } أبلغ في النفي من لم يؤمنوا لأن فيه نفي التأهل والصلاحية للإيمان ، ولذلك جاءت لام الجحود في الخبر وإلا أن يشاء الله استثناء متصل من محذوف هو علة . وسبب التقدير { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } لشيء من الأشياء إلا لمشيئة الله . وقدره بعضهم في كل حال إلا في حال مشيئة الله ومن ذهب إلى أنه استثناء منقطع كالكرماني وأبي البقاء والحوفي . فقوله فيه بعد إذ هو ظاهر الاتصال أو علق إيمانهم بمشيئة الله دليل على ما يذهب إليه أهل السنة من أن إيمان العبد واقع بمشيئة الله ، وحمل ذلك المعتزلة على مشيئة الإلجاء والقهر . ولذلك قال الزمخشري : مشيئة إكراه واضطرار ، والظاهر أن الضمير في { أَكْثَرُهُمْ } عائد على ما عادت عليه الضمائر قيل من الكفار أي يجهلون الحق ، أو يجهلون أنه لا يجوز اقتراح الآيات بعد أن رأوا آية واحدة ، أو يجهلون أن كلاًّ من الإيمان والكفر هو بمشيئة الله وقدره . .
وقال الزمخشري يجهلون فيقسمون بالله جهد أيمانهم على ما لا يشعرون من حال قلوبهم عند نزول الآيات . قال أو لكن أكثر المسلمين يجهلون أن هؤلاء لا يؤمنون إلا أن يضطرهم فيطمعون في إيمانهم إذا جاءت الآية المقترحة . .
وقال غيره من المعتزلة يجهلون أنهم يبقون كفاراً عند ظهور الآيات التي اقترحوها . .
وقال الجبائي { إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ } يدل على حدوث مشيئة الله إذ لو كانت قديمة لم يجز أن يعلق عليها الحادث لأنها شرط ويلزم من حصول المشروط حصول الشرط والحسن دل على حدوث الإيمان فوجب كون الشرط حادثاً وهو المشيئة . .
وأجاب أبو عبد الله الرازي بأن المشيئة وإن كانت قديمة تعلقها بإحداث ذلك المحدث في الحالة إضافة حادثة انتهى . وهذه الآية مؤيسة من إيمان هؤلاء الذين اقترحوا الآيات إلا من شاء الله منهم . ولذلك جاء قوله : { إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ } وهم من ختم له بالسعادة فآمن منهم . .
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً } المعنى مثل ما جعل هؤلاء الكفار المقترحين الآيات وغيرهم أعداء لك جعلنا لم قبلك من الأنبياء أعداء شياطين الإنس والجن أي متمردي الصنفين { يُوحَى } يلقى في خفية بعضهم إلى بعض ، أي بعض الصنف الجني إلى بعض الصنف الإنسي ، أو يوحى شياطين الجن إلى شياطين الإنس زخرف القول ، أي محسنه ومزينه ، وثمرة هذا الجعل الامتحان فيظهر الصبر على ما منوا به ممن يعاديهم فيعظم الثواب والأجر وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وتأس بمن تقدمه من الأنبياء وأنك لست منفرداً بعداوة من عاصرك ، بل هذه سنة من قبلك من الأنبياء . وعدو كما قلنا قبل في معنى أعداء . وقال تعالى : { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } . وقال الشاعر : % ( إذ أنا لم أنفع صديقي بودّه % .
فإن عدوّي لن يضرهم بغضي .
) % .
وأعرب الجوفي والزمخشري وابن عطية وأبو البقاء هنا كإعرابهم { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ } وجوّزوا في شياطين البدلية من عدواً ، كما جوّزوا هناك بدلية الجن من شركاء وقد رددناه عليهم . والظاهر أن قوله شياطين الإنس والجن هو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي الإنس والجن الشياطين فيلزم أن يكون من الإنس شياطين ومن الجن شياطين ، والشيطان هو المتمرّد من الصنفين كما شرحناه . وهذا قول قتادة ومجاهد والحسن ، وكذا فهم أبو ذر من قول الرسول له : ( هل تعوّذت من شياطين الجن والإنس ) قلت : يا رسول الله وهل