@ 189 @ ولما كان قد تقدم ذكر البعث نبه على قدرته تعالى الباهرة في شق النواة مع صلابتها وإخراجه منها نبتاً أخضر ليناً إلى ما بعد ذلك مما فيه إشارة إلى القدرة التامة والبعث والنشر بعد الموت ، وقرأ عبد الله { فَالِقُ الْحَبّ } جعله فعلاً ماضياً . .
{ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيّتِ مِنَ الْحَىّ } تقدم تفسير هذا في أوائل آل عمران وعطف قوله : { وَمُخْرِجُ الْمَيّتِ } على قوله : { فَالِقُ الْحَبّ } اسم فاعل على اسم فاعل ولم يعطفه على يخرج لأن قوله : { فَالِقُ الْحَبّ وَالنَّوَى } من جنس إخراج الحيّ من الميت لأن النامي في حكم الحيوان ألا ترى إلى قوله : { تُحْىِ * الاْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فوقع قوله : { يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ } من قوله : { فَالِقُ الْحَبّ وَالنَّوَى } موقع الجملة المبينة فلذلك عطف اسم الفاعل لا على الفعل ولما كان هذا مفقوداً في آل عمران وتقدم قبل ذلك جملتان فعليتان وهما { يُولِجُ ذالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ الَّيْلَ فِى } كان العطف بالفعل على أنه يجوز أن يكون معطوفاً وهو اسم فاعل على المضارع لأنه في معناه كما قال الشاعر : % ( بات يغشيها بعضب باتر % .
يقصد في أسوقها وجائر .
) % .
{ ذالِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } أي ذلكم المتصف بالقدرة الباهرة فأني تصرفون عن عبادته وتوحيده والإيمان بالبعث إلى عبادة غيره واتخاذ شريك معه وإنكار البعث . .
{ فَالِقُ الإِصْبَاحِ } مصدر سمي به الصبح ، قال الشاعر : % ( ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي % .
بصبح وما الإصباح منك بأمثل .
) % .
( فإن قلت ) : الظلمة هي التي تنفلق عن الصبح كما قال الشاعر : .
تفرّي ليل عن بياض نهار . .
فالجواب من وجوه : أحدها : أن يكون ذلك على حذف مضاف أي فالق ظلمة الإصباح وهي الغبش الذي يلي الصبح أو يكون على ظاهره ومعناه فالقه عن بياض النار . وقالوا : انصدع الفجر وانشق عمود الفجر ، قال الشاعر : % ( فانشق عنها عمود الصبح جافلة % .
عدو النحوص تخاف القانص اللحيا .
) % .
وسموا الفجر فلقاً بمعنى مفلوق أو يكون المعنى مظهر الإصباح إلا أنه لما كان الفلق مقتضياً لذلك الإظهار أطلق على الإظهارفلقاً والمراد المسبب وهو الإظهار ، وقيل : { فَالِقُ الإِصْبَاحِ } خالق ، وقال مجاهد : الإصباح إضاءة الفجر ، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أن { الإِصْبَاحِ } ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل ، وقال الليث والفراء والزجاج : الصبح والصباح والإصباح أول النهار قال : % ( أفنى رياحاً وبني رياح % .
تناسخ الإمساء والإصباح .
) % .
يريد المساء والصباح ويروى