@ 162 @ % ( تهوي إلى مكة تبغي الهدى % .
ما مؤمنوا الجن ككفارها .
) % .
وقال أبو عبد الله الرازي : هذا المثل في غاية الحسن وذلك أن الذي يهوي من المكان العالي إلى الوهدة العميقة يهوي إليها مع الاستدارة على نفسه ، لأن الحجر كان حال نزوله من الأعلى إلى الأسفل ينزل على الاستدارة وذلك يوجب كمال التردد والتحير ، فعند نزوله من الأعلى إلى الأسفل لا يعرف أنه يسقط على وضع يزداد بلاؤه وبسبب سقوطه عليه أو يقل ، ولا تجد للحائر الخائف أكمل ولا أحسن من هذا المثل ؛ انتهى . وهو كلام تكثير لا طائل تحته وجعل الزمخشري قوله : { لَهُ أَصْحَابٌ } أي له رفقة وجعل مقابلهم في صورة التشبيه المسلمين يدعونه إلى الهدى فلا يلتفت إليهم وهو تأويل ابن عباس ومجاهد ، وجعلهم غيره { لَهُ أَصْحَابٌ } من الشياطين الدعاة أو لا يدعونه إلى الهدى بزعمهم وبما يوهمونه فشبه بالأصحاب هنا الكفرة الذين يثبتون من ارتد عن الإسلام على الارتداد . وروي هذا التأويل عن ابن عباس أيضاً وحكى مكي وغيره أن المراد بالذي استهوته الشياطين هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وبالأصحاب أبوه وأمه ، وذكر أهل السير أنه فيه نزلت هذه الآية دعا أياه أبا بكر إلى عبادة الأوثان وكان أكبر ولد أبي بكر وشقيق عائشة أمهما أم رومان بنت الحارث بن غنم الكنانية وشهد بدراً وأحداً مع قومه كافراً ودعا إلى البراز فقام إليه أبوه أبو بكر رضي الله عنه ليبارزه فذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم ) قال : ( متعني بنفسك ) ثم أسلم وحسن إسلامه وصحب الرسول عليه السلام في هدنة الحديبية وكان اسمه عبد الكعبة فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم ) عبد الرحمن ، وفي الصحيح أن عائشة سمعت قول من قال : إن قوله : { وَالَّذِى قَالَ لِوالِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَا } أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت : كذبوا والله ما نزل فينا من القرآن شيء إلا براءتي . .
قال الزمخشري ( فإن قلت ) : إذا كان هذا وارداً في شأن أبي بكر فكيف قيل للرسول : { قُلْ أَنَدْعُواْ } . قلت : للاتحاد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ) والمؤمنين وخصوصاً بينه وبن الصديق رضي الله عنه ؛ انتهى . وهذا السؤال إنما يرد إذا صح أنها نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن ولن يصح ، وموضع { كَالَّذِى } نصب قيل : على أنه نعت لمصدر محذوف أي رداً مثل رد الذي والأحسن أن يكون حالاً أي كائنين كالذي والذي ظاهره أنه مفرد ويجوز أن يراد به معنى الجمع أي كالفريق الذي وقرأ حمزة استهواه بألف ممالة . وقرأ السلمي والأعمش وطلحة : { اسْتَهْوَتْهُ } الشيطان بالتاء وأفراد الشيطان . وقال الكسائي : أنها كذلك في مصحف ابن مسعود ؛ انتهى . والذي نقلوا لنا القراءة عن ابن مسعود إنما نقلوه الشياطين جمعاً . وقرأ الحسن : الشياطون وتقدم نظيره وقد لحن في ذلك . وقد قيل : هو شاذ قبيح وظاهر قوله { فِى الاْرْضِ } أن يكون متعلقاً باستهوته . وقيل : حال من مفعول { اسْتَهْوَتْهُ } أي كائناً في الأرض . وقيل : من { حَيْرَانَ } . وقيل : من ضمير { حَيْرَانَ } و { حَيْرَانَ } لا ينصرف ومؤنثه حيرى و { حَيْرَانَ } حال من مفعول { اسْتَهْوَتْهُ } . وقيل : حال من الذي والعامل فيه الرد المقدر والجملة من قوله { لَهُ أَصْحَابٌ } حالية أو صفة لحيران أو مستأنفة و { إِلَى * الْهَدْىِ } متعلق بيدعونه وأتنا من الإتيان . وفي مصحف عبد الله أتينا فعلاً ماضياً لا أمراً فإلى الهدى متعلق به . .
{ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } من قال : { إِنَّ لَهُ * أَصْحَابُ } يعني به الشياطين وإن قوله { إِلَى الْهُدَى } بزعمهم كانت هذه الجملة رداً عليهم أي ليس ما زعمتم هدى بل هو كفر وإنما الهدى هدى الله وهو الإيمان ومن قال : إن قوله { أَصْحَابُ } مثل للمؤمنين الداعين إلى الهدى الذي هو الإيمان ، كانت إخباراً بأن الهدى هدى الله من شاء لا إنه يلزم من دعائهم إلى الهدى وقوع الهداية بل ذلك بيد الله