@ 140 @ّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ } . وقيل : هو جمع عشية ومعنى { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } يخلصون نياتهم له في عبادتهم ويعبر عن ذات الشيء وحقيقته بالوجه . وقال ابن عباس : يطلبون ثواب الله والجملة في موضع الحال وقد استدل بقوله : { وَجْهَهُ } من أثبت الأعضاء لله تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً . .
{ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَىْء } قال الحسن والجمهور : الحساب هنا حساب الأعمال . وقيل : حساب الأرزاق أي لا ترزقهم ولا يرزقونك حكاه الطبري . وقال الزمخشري : كقوله : { إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبّى } وذلك أنهم طعنوا في دينهم وإخلاصهم فقال : { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء } بعد شهادته لهم بالإخلاص وبإرادة وجه الله تعالى في أعمالهم وإن كان الأمر كما يقولون عند الله ، فما يلزمك إلا اعتبار الظاهر والاتسام بسيرة المتقين وإن كان لهم باطن غير مرضي فحسابهم عليهم لازم لهم لا يتعداهم إليك ، كما إن حسابك عليك لا يتعداك إليهم كقوله { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ؛ انتهى . ولا يمكن ما ذكره من الترديد في قوله : وإن كان الأمر إلى آخره لأنه تعالى قد أخبر بأنهم { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } وإخبار الله تعالى هو الصدق الذي لا شك فيه فلا يقال فيهم وإن كان الأمر كما يقولون وإن كان لهم باطن غير مرضي لأنه فرض مخالف لما أخبر الله تعالى به من خلوص بواطنهم ونياتهم له تعالى . .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما كفى قوله : { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء } حتى ضم إليه { مَّا مِن * حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَىْء } ( قلت ) : قد جعلت الجملتان بمنزلة جملة واحدة وقصدهما مؤدّي واحد وهو المعنى في قوله { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ولا يستقل بهذا المعنى إلا الجملتان جميعاً كأنه قيل : لا تؤاخذ أنت ولا هم بحساب صاحبه ؛ انتهى . وقوله : كأنه قيل لا تؤاخذ أنت ولا هم بحساب صاحبه تركيب غير عربي ، لا يجوز عود الضمير هنا غائباً ولا مخاطباً لأنه إن أعيد غائباً فلم يتقدّم له اسم مفرد غائب يعود عليه ، إنما يتقدّم قوله : ولا هم ولا يمكن العود إليه على اعتقاد الاستغناء بالمفرد عن الجمع لأنه يصير التركيب بحساب صاحبهم وإن أعيد مخاطباً فلم يتقدّم له مخاطب يعود عليه إنما تقدم قوله : لا تؤاخذ أنت ، ولا يمكن العود إليه لأنه مخاطب فلا يعود عليه غائباً ولو أبرزته مخاطباً لم يصح التركيب أيضاً وإصلاح هذا التركيب أن يقال : لا يؤاخذ كل واحد منكم ولا منهم بحساب صاحبه أو لا تؤاخذ أنت بحسابهم ولا هم بحسابك ، أو لا تؤاخذ أنت ولا هم بحسابكم فتغلب الخطاب على الغيبة كما تقول أنت وزيد تضربان ، والظاهر أن الضمائر كلها عائدة على { الَّذِينَ يَدْعُونَ } . وقيل : الضمير في { مِنْ حِسَابِهِم } وفي { عَلَيْهِمْ } عائد على المشركين وتكون الجملتان اعتراضاً بين النهي وجوابه ، قال الزمخشري : والمعنى لا يؤاخذون بحسابك ولا أنت بحسابهم حتى يهمك إيمانهم ويحركك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون الضمير في { حِسَابَهُمْ } و { عَلَيْهِمْ } للكفار الذين أرادوا طرد المؤمنين أي ما عليك منهم آمنوا ولا كفروا فتطر هؤلاء رعياً بذلك ، والضمير في تطردهم عائد على الضعفة من المؤمنين ويؤيد هذا التأويل أن ما بعد الفاء أبداً سبب ما قبلها وذلك لا يبين إذا كانت الضمائر كلها للمؤمنين . وحكى الطبري أن الحساب هنا إنما هو في رزق الدنيا أي لا ترزقهم ولا يرزقونك ، قال : فعلى هذا تجيء الضمائر كلها للمؤمنين ؛ انتهى . ومن في { مِنْ حِسَابِهِم } وفي { مِنْ حِسَابِكَ } مبعضة في موضع نصب على الحال في { مِنْ حِسَابِهِم } وذو الحال هو من شيء لأنه