@ 111 @ للغلبة كهي في البيت للكعبة والنجم للثريا . .
وقال الزمخشري ( فإن قلت ) : إنما يتحسرون عند موتهم ( قلت ) : لما كان الموت وقوعاً في أحوال الآخرة ومقدماتها ، جعل من جنس الساعة وسمّي باسمها ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( من مات فقد قامت قيامته ) . وجعل في مجيء الساعة بعد الموت لسرعته فالواقع بغير فتره ؛ انتهى . وإطلاق { السَّاعَةَ } على وقت الموت مجاز ، ويمكن حمل الساعة على الحقيقة وهو يوم القيامة ولا يلزم من تحسرهم وقت الموت أنهم لا يتحسرون يوم القيامة ، بل الظاهر ذلك لقوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ } إذ هذا حال من قولهم : { قَالُواْ يأَبَانَا * ياحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } وهي حال مقارنة ، وإذا حملنا الساعة على وقت الموت كانت حالاً مقدرة ومجيء القدرة بالنسبة إلى المقارنة قليل ، فيكون التكذيب متصلاً بهم مغياً بالحسرة إلى يوم القيامة إذ مكثهم في البرزخ على اعتقاد أمثلهم طريقة يوم واحد ، كما قال تعالى : { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } فلما جاءتهم الساعة زال التكذيب وشاهدوا ما أخبرتهم به الرسل عياناً فقالوا { * يا حسرتنا } وجوزوا في انتصاب { عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً } أن يكون مصدراً في موضع الحال من { السَّاعَةَ } أي باغتة أو من مفعول جاءتهم أي مبغوتين أو مصدراً لجاء من غير لفظه كأنه قيل حتى إذا بغتتهم الساعة بغتة ، أو مصدر الفعل محذوف أي تبغتهم بغتة ونادوا الحسرة وإن كانت لا تجيب على طريق التعظيم . قال سيبويه : وكان الذي ينادي الحسرة أو العجب أو السرور أو الويل يقول : اقربي أو احضري فهذا أوانك وزمنك وفي ذلك تعظيم للأمر على نفس المتكلم وعلى سامعه كان ، ثم سامع وهذا التعظيم على النفس والسامع هو المقصود أيضاً في نداء الجمادات كقولك يا دار يا ربع وفي نداء ما لا يعقل كقولهم : يا جمل ، و { فَرَّطْنَا } فصرنا والتفريط التقصير مع القدرة على تركه ، والضمير في { فِيهَا } عائد على { السَّاعَةَ } أي في التقدمة لها قاله الحسن ، أو الصفقة التي تضمنها ذكر الخسارة قاله الطبري . وقال الزمخشري : الضمير للحياة الدنيا جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة ، أو الساعة على معنى قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها كما تقول : فرطت في فلان ومنه فرطت في جنب الله ؛ انتهى . وكونه عائداً على الدنيا وهو قول ابن عباس ، ودل العقل على أن موضع التقصير ليس إلا الدنيا فحسن عوده عليها لهذا المعنى وأورد ابن عطية هذا القول احتمالاً فقال : يحتمل أن يعود الضمير على الدنيا ، إذ المعنى يقتضيها وتجيء الظرفية أمكن بمنزلة زيد في الدار ؛ انتهى ، وعوده على { السَّاعَةَ } قول الحسن والمعنى في إعداد الزاد والأهبة لها . وقيل : يعود الضمير على { مَا } وهي موصول وعاد على لمعنى أي { * يا حسرتنا } على الأعمال والطاعات التي فرطنا فيها ، وما في الأوجه التي سبقت مصدرية التقدير على تفريطنا في الدنيا أو في الساعة أو في الصفقة على التقدير الذي تقدم ، والظاهر وعوده على الساعة وأبعد من ذهب إلى أنه عائد إلى منازلهم في الجنة إذا رأوا منازلهم فيها لو كانوا آمنوا . .
{ فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ } الأوزار الخطايا والآثام قاله ابن عباس ، والظاهر أن هذا الحمل حقيقة وهو قول عمير بن هانىء وعمرو بن قيس الملاتي والسدي واختاره الطبري ، وما ذكره محصوله أن عمله يمثل في صورة رجل قبيح الوجه والصورة خبيث الريح فيسأله فيقول : أنا عملك طالما ركبتني في الدنيا فأنا اليوم أركبك فيركبه ويتخطى به رقاب الناس ويسوقه حتى يدخله النار ، ورواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ) بهذا المعنى واللفظ