@ 24 @ قوله يحكم في موضع الصفة لقوله فجزاء أي حاكم به ذوا عدل وفي قوله { مّنكُمْ } دليل على أنهما من المسلمين وذكر الكعبة لأنها أم الحرام قالوا والحرم كله منحر لهذا الهدي فما وقف به يعرفه من هدي الجزاء ينحر بمنى وما لم يوقف به فينحر بمكة وفي سائر بقاع الحرم بشرط أن يدخل من الحل ولا بد أن يجمع فيه بين حل وحرم حتى يكون بالغاً الكعبة . .
{ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ } قرأ الصاحبان بالإضافة والإضافة تكون بأدنى ملابسة إذ الكفارة تكون كفارة هدي وكفارة طعام وكفارة صيام ولا التفات إلى قول الفارسي ولم يصف الكفارة إلى الطعام لأنها ليست للطعام إنما هي لقتل الصيد ، وأما ما ذهب إليه الزمخشري من زعمه أن الإضافة مبينة كأنه قيل أو كفارة من طعام مساكين ، كقولك خاتم فضة ، بمعنى خاتم من فضة فليست من هذا الباب لأن خاتم فضة من باب إضافة الشيء إلى جنسه والطعام ليس جنساً للكفارة إلا بتجوز بعيد جدّاً ، وقرأ باقي السبعة بالتنوين ورفع { طَعَامٌ } وقرأ كذلك الأعرج وعيسى بن عمر إلا أنهما أفردا مسكين على أنه اسم جنس ، قال أبو علي { طَعَامٌ } عطف بيان لأن الطعام هو الكفارة . انتهى ؛ وهذا على مذهب البصريين لأنهم شرطوا في البيان أن يكون في المعارف لا في النكرات فالأولى أن يعرب بدلاً وقد أجمل في مقدار الطعام وفي عدد المساكين والظاهر أنه يكفي أقل ما ينطلق عليه جمع مساكين ، وقال إبراهيم وعطاء ومجاهد والقاسم يقوّم الصيد دراهم ثم يشتري بالدراهم طعاماً فيطعم كل مسكين نصف صاع ، وروي هذا عن ابن عباس وبتقويم الصيد قال أبو حنيفة ، وقال مجاهد وعطاء وابن عباس والشافعي وأحمد يقوّم الهدي ثم يشتري بقيمة الهدى طعاماً ، وقال مالك أحسن ما سمعت ، إنه يقوّم الصيد فينظركم ثمنه من الطعام فيطعم لكل مسكين مدّاً ويصوم مكان كل مدّ يوماً . .
{ أَو عَدْلُ ذالِكَ صِيَاماً } الأظهر أن يكون ذلك إشارة إلى أقرب مذكور وهو الطعام والطعام المذكور غير معين في الآية لا كيلاً ولا وزناً فيلزم من ذلك أن يكون الصيام أيضاً غير معين عدداً والصيام مبني على الخلاف في الطعام أهو مدّ أو مدّان . وبالمدّ قال ابن عباس ومالك وبالمدّين قال الشافعي وعن أحمد القولان ، وجوّزوا أن يكون ذلك إشارة إلى الصيد المقتول وفي الظبي ثلاثة أيام وفي الإبل عشرون يوماً وفي النعامة وحمار الوحش ثلاثون يوماً قاله ابن عباس ، وقال ابن جبير ثلاثة أيام إلى عشرة أيام والظاهر عدم تقييد الإطعام والصوم بمكان وبه قال جماعة من العلماء فحيث ما شاء كفر بهما ، وقال عطاء وغيره الهدي والإطعام بمكة والصوم حيث شاء ، وقرأ الجمهور { أَو عَدْلُ } بفتح العين ، وقرأ ابن عباس وطلحة بن مصرف والجحدري بكسرها وتقدم تفسيرها في أوائل البقرة . والظاهر أن أو للتخيير أي ذلك فعل أجزأه موسراً كان أو معسراً وهو قول الجمهور ، وقال ابن عباس وإبراهيم وحماد بن سلمة لا ينتقل إلى الإطعام إلا إذا لم يجد هدياً ولا إلى الصوم إلا إن لم يجد ما يطعم والظاهر أن التخيير راجع إلى قاتل الصيد وهو قول الجمهور ، وقال محمد بن الحسن الخيار إلى الحكمين والظاهر أن الواجب أحد هذه الثلاثة فلا يجمع بين الإطعام والصيام بأن يطعم عن يوم ويصوم في كفارة واحدة وأجاز ذلك أصحاب أبي حنيفة وانتصب { صِيَاماً } على التمييز على العدل