@ 19 @ طعم من المستلذات إذا ما اتقى ما حرم الله منها وقضية من شربها قيل التحريم من صور العموم ، وهذه الآية شبيهة بآية تحويل القبلة حين سألوا عمن مات على القبلة الأولى ، فنزلت { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } و { فِيمَا طَعِمُواْ } قيل من الخمر والطعم حقيقة في المأكولات مجاز في المشروب وفي اليوم قيل مما أكلوه من القمار فيكون فيه حقيقة ، وقيل منهما وعنى بالطعم الذوق وهو قدر مشترك بينهما ، وكررت هذه الجمل على سبيل المبالغة والتوكيد في هذه الصفات ولا ينافي التأكيد العطف بثم فهو نظير قوله { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } وذهب قوم إلى تباين هذه الجمل بحسب ما قدروا من متعلقات الأفعال فالمعنى إذا ما اتقوا الشرك والكبائر وآمنوا الإيمان الكامل وعملوا الصالحات ثم اتقوا ثبتوا وداموا على الحالة المذكورة ثم اتقوا وأحسنوا انتهوا في التقوى إلى امتثال ما ليس بفرض من النوافل من الصلاة والصدقة أو غير ذلك وهو الإحسان . وإلى قريب من هذا ذهب الزمخشري ، قال إذا ما اتقوا } ما حرم عليهم وآمنوا وثبتوا على الإيمان والعمل الصالح وازدادوا { * } ما حرم عليهم وآمنوا وثبتوا على الإيمان والعمل الصالح وازدادوا { ثُمَّ اتَّقَواْ وَءامَنُواْ } ثبتوا على التقوى والإيمان { ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ } ثبتوا على اتقاء المعاصي { وَأَحْسِنُواْ } أعمالهم وأحسنوا إلى الناس واسوهم بما رزقهم الله من الطيبات انتهى . وقيل الرتبة الأولى لماضي الزمان والثانية للحال والثالثة للاستقبال ، وقيل الاتقاء الأول هو في الشرك والتزام الشرع والثاني في الكبائر والثالث في الصغائر ، وقيل غير هذا مما لا إشعار للفظ به ، ومعنى الآية ثناء على أولئك ، الذين كانوا على هذه الصفة وحمد لهم في الإيمان والتقوى والإحسان إذ كانت الخمر غير محرمة إذ ذاك فالإثم مرفوع عمن التبس بالمباح إذا كان مؤمناً متقياً محسناً وإن كان يؤول ذلك المباح إلى التحريم فتحريمه بعد ذلك لا يضر المؤمن المتقي المحسن وتقدم شرح الإحسان وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ) فسره في حديث سؤال جبريل فيجب أن لا يتعدى تفسيره . .
{ الْمُحْسِنِينَ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَىْء مّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ } نزلت عام الحديبية وأقام صلى الله عليه وسلم ) بالتنعيم فكان الوحش والطير يغشاهم في رحالهم وهم محرمون ، وقيل كان بعضهم أحرم وبعضهم لم يحرم فإذا عرض صيد اختلفت أحوالهم واشتبهت الأحكام ، وقيل قتل أبو اليسر حمار وحش برمحه فقيل قتلت الصيد وأنت محرم فنزلت . ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنهم لما أمرهم أن لا يحرموا الطيبات وأخرج من ذلك الخمر والميسر وهما حرامان دائماً ، أخرج بعده من الطيبات ما حرم في حال دون حال ، وهو الصيد وكان الصيد مما تعيش به العرب وتتلذذ باقتناصه ولهم فيه الإشعار والأوصاف الحسنة ، والظاهر أن الخطاب بقوله { ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } عام للمحل والمحرم لكن لا يتحقق الابتلاء إلا مع الإحرام أو الحرم . وقال ابن عباس هو للمحرمين ، وقال مالك هو للمحلين والمعنى ليختبرنكم الله ابتلاهم الله به مع الإحرام أو الحرم ، والظاهر أن قوله { بِشَىْء مّنَ الصَّيْدِ } يقتضي تقليلاً ، وقيل ليعلم أنه ليس من الابتلاء العظيم كالابتلاء بالأنفس والأموال بل هو تشبيه بما ابتلي به أهل أيلة من صيد السمك وأنهم كانوا لا يصبرون عند هذا الابتلاء فكيف يصبرون عندما هو أشدّ منه ومن في { مّنَ الصَّيْدِ } للتبعيض في حال الحرمة إذ قد يزول الإحرام ويفارق الحرم فصيد بعض هذه الأحوال بعض الصيد على العموم ، وقال الطبري وغيره من صيد البر دون البحر ، وقال ابن عطية ويجوز أن تكون من لبيان الجنس ، قال الزجاج وهذا كما تقول قال لأمتحننك بشيء من الرزق وكما قال تعالى : { فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الاْوْثَانِ } والمراد بالصيد المأكول