@ 11 @ .
وقيل معناه لا تعتقدوا تحريم ما أحلّه الله لكم . .
وقيل : لا تحرّموا على نفسكم بالفتوى . .
وقيل لا تلتزموا تحريمها بنذر أو يمين لقوله : { لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } . وقيل : خلط المغصوب بالمملوك خلطاً لا يتميز منه فيحرم الجميع ويكون ذلك سبباً لتحريم ما كان حلالاً { وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } هذا نهي عن الاعتداء فيدخل فيه جميع أنواع الاعتداء ولا سيما ما نزلت الآية بسببه . .
قال الحسن : لا تجاوزوا ما حدّ لكم من الحلال إلى الحرام ، واتبعه الزمخشري فقال : ولا تتعدوا حدود ما أحل الله لكم إلى ما حرم عليكم ، وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وإبراهيم : لا تعتدوا بالخنا وتحريم النساء ، وقال عكرمة أيضاً : لا تسيروا بغير سيرة الإسلام ، وقال السدي وعكرمة أيضاً : هو نهي عن هذه الأمور المذكورة من تحريم ما أحل الله ، فهو تأكيد لقوله { لاَ تُحَرّمُواْ } وقيل : ولا تعتدوا بالإسراف في تناول الطيبات كقوله : { وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ } { وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيّباً } تقدم تفسير مثلها في قوله : { النَّارِ يأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى الاْرْضِ حَلَالاً طَيّباً } { وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } تأكيد للوصية بما أمر به وزاده تأكيداً بقوله : { الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } لأن الإيمان به يحمل على التقوى في امتثال ما أمر به واجتناب ما نهي عنه . .
{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الاْيْمَانَ } تقدم الكلام في تفسير نظير هذه الجملة ، ومعنى { عَقَّدتُّمُ } وثقتم بالقصد والنية ، وقرأ الحرميان وأبو عمر بتشديد القاف ، وقرأ الأخوان وأبو بكر بتخفيفها ، وابن ذكوان بألف بين العين والقاف ، وقرأ الأعمش بما عقدت الأيمان جعل الفعل للأيمان فالتشديد إما للتكثير بالنسة إلى الجمع ، وأما لكونه بمعنى المجرد نحو قدّر وقدر ، والتخفيف هو الأصل ، وبالألف بمعنى المجرد نحو جاوزت الشيء وجزته ، وقاطعته وقطعته ، أي هجرته . وقال أبو علي الفارسي : عاقدتم يحتمل أمرين أحدهما أن يكون كطارقت النعل وعاقبت اللص ، انتهى ، وليس مثله لأنك لا تقول طرقت النعل ولا عقبت اللص بغير ألف ، وهذا تقول فيه عاقدت اليمين وعقدت ياليمين ، وقال الحطيئة : .
قوم إذا عاقدوا عقداً لجارهم .
فجعله بمعنى المجرد وهو الظاهر كما ذكرناه . .
قال أبو علي : والآخر أن يراد به فاعلت التي تقتضي فاعلين كأن المعنى بما عاقدتم عليه الأيمان عداه بعلى لما كان بمعنى عاهد ، قال : { بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ } كما عدى { نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَواةِ } { * بإلى } ، وبابها أن تقول ناديت زيداً { نَّبِيّاً وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الاْيْمَنِ } لما كانت بمعنى دعوت إلى كذا قال { مّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ } ثم اتسع فحذف الجار ونقل الفعل إلى المفعول ، ثم المضمر العائد من الصلة إلى الموصول ، إذ صار بما عاقدتموه الأيمان ، كما حذف من قوله { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } انتهى ، وجعل عاقد لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظاً والاشتراك فيهما معنى بعيد إذ يصير المعنى أن اليمين عاقدته كما عاقدها إذ نسب ذلك إليه وهو عقدها هو على سبيل الحقيقة ، ونسبة ذلك إلى اليمين هو على سبيل المجاز لأنها لم تعقده بل هو الذي عقدها . وأما تقديره بما عاقدتم عليه وحذف حرف الجر ، ثم الضمير على التدريج الذي ذكره فهو أيضاً بعيد ، وليس تنظيره ذلك بقوله { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } بسديد لأن أمر يتعدى بحرف الجر تارة وبنفسه تارة إلى المفعول الثاني وإن كان أصله الحذف تقول أمرتُ زيداً الخير ، وأمرته بالخير ، ولأنه لا يتعين في { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } أن تكون ما موصولة بمعنى الذي ، بل يظهر أنها