@ 522 @ ابن الحاجب ، ولم يذكر ابن الحاجب غيره . وعسى من الله واجبة فلا ترجى فيها ، وكلا الوجهين قبله تخريج أبي عليّ . وخرجه النحاس على أن يكون معطوفاً على قوله : { بِالْفَتْحِ } بأن يفتح ، ويقول : ولا يصحّ هذا لأنه قد فصل بينهما بقوله : أو أمر من عنده ، وحقه أن يكون لغة لأن المصدر ينحل لأن والفعل ، فالمعطوف عليه من تمامه ، فلا يفصل بينهما . وهذا إن سلم أنّ الفتح مصدر ، فيحل لأن والفعل . والظاهر أنه لا يراد به ذلك ، بل هو كقولك : يعجبني من زيد ذكاؤه وفهمه ، لا يراد به انحلاله ، لأن والفعل وعلى تقدير ذلك فلا يصح أيضاً ، لأن المعنى ليس على : فعسى الله أن يأتي ، بأن يقول الذين آمنوا كذا . ولأنه يلزم من ذلك الفصل بين المتعاطفين بقوله : { فَيُصْبِحُواْ } وهو أجنبي من المتعاطفين ، لأن ظاهر فيصبحوا أن يكون معطوفاً على أن يأتي ، ونظيره قولك : هند الفاسقة أراد زيد إذايتها بضرب أو حبس وإصباحها ذليلة ، وقول أصحابه : أهذه الفاسقة التي زعمت أنها عفيفة ؟ فيكون وقول معطوفاً على بضرب . وقال ابن عطية : عندي في منع جواز عسى الله أن يقول المؤمنون نظر ، إذ الذين نصرهم يقولون : ننصره بإظهار دينه ، فينبغي أن يجوز ذلك انتهى . وهذا الذي قاله راجع إلى أن يصير سبباً لأنه صار في الجملة ضمير عائد على الله ، وهو تقديره بنصره وإظهار دينه ، وإذا كان كذلك فلا خلاف في الجواز . وإنما منعوا حيث لا يكون رابط وانتصاب جهد على أنه مصدر مؤكد ، والمعنى : أهؤلاء هم المقسمون باجتهاد منهم في الإيمان أنهم معكم ؟ ثم ظهر الآن من موالاتهم اليهود ما أكذبهم في أيمانهم . ويجوز أن ينتصب على الحال ، كما جوّزوا في فعلته جهدك وقوله : إنهم لمعكم ، حكاية لمعنى القسم لا للفظهم ، إذ لو كان لفظهم لكان إنا لمعكم . .
{ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ } ظاهره أنه من جملة ما يقوله المؤمنون اعتماداً في الأخبار على ما حصل في اعتقادهم أي : بطلت أعمالهم إن كانوا يتكلفونها في رأي العين . قال الزمخشري : وفيه معنى التعجب كأنه قيل : ما أحبط أعمالهم فما أخسرهم ويحتمل أن يكون إخباراً من الله تعالى ، ويحتمل أن لا يكون خبراً بل دعاء إما من الله تعالى ، وإما من المؤمنين . وحبط العمل هنا هو على معنى التشبيه ، وإلا فلا عمل له في الحقيقة فيحبط وجوز الحوفي أن يكون حبطت أعمالهم خبراً ثانياً عن هؤلاء ، والخبر الأول هو قوله الذين أقسموا ، وأن يكون الذين ، صفة لهؤلاء ، ويكون حبطت هو الخبر . وقد تقدم ذكر قراءة أبي واقد والجراح حبطت بفتح الباء وأنها لغة . .
{ خَاسِرِينَ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } وابن كعب والضحاك الحسن وقتادة وابن جريج وغيرهم : نزلت خطاباً للمؤمنين عامة إلى يوم القيامة . ومن يرتد جملة شرطية مستقلة ، وهي إخبار عن الغيب . .
وتعرض المفسرون هنا لمن ارتد في قصة طويلة نختصرها ، فنقول : ارتد في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم ) مذ حج ورئيسهم عبهلة بن كعب ذو الخمار ، وهو الأسود العنسي قتله فيروز على فراشه ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ) بقتله ، وسمى قاتله ليلة قتل . ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من الغد ، وأتى خبر قتله في آخر ربيع الأول وبنو حنيفة رئيسهم مسيلمة قتله وحشي ، وبنو أسد رئيسهم طليحة بن خويلد هزمه خالد بن الوليد ، وأفلت ثم أسلم وحسن إسلامه . هذه ثلاث فرق ارتدت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وتنبأ رؤساؤهم . وارتد في خلافة أبي بكر رضي الله عنه سبع فرق . فزارة قوم عيينة بن حصن ، وغطفان قوم قرة بن سلمة القشيري ، وسليم قوم الفجاه بن عبد يا ليل ، ويربوع قوم مالك بن نويرة ، وبعض تميم قوم سجاح بنت المنذر وقد تنبأت وتزوجها مسيلمة وقال : الشاعر : % ( أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها % .
وأصبحت أنبياء الله ذكرانا .
) % .
وقال أبو العلاء المعري :