@ 260 @ { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْواجٌ } والأولى أن تكون هذه الجملة مستأنفة . كما اخترنا في قوله : { كُلَّمَا رُزِقُواْ } لأن جعلها استئنافاً يكون في ذلك اعتناء بالجملة ، إذ سيقت كلاماً تاماً لا يحتاج إلى ارتباط صناعي ، ومن جعلها صفة فقد سلك بها مسلك غير ما هو أصل للحمل . وارتفاع أزواج على الابتداء ، وكونه لم يشرك في العامل في جنات يدل على ما قلناه من الاستئناف أيضاً ، وخبر أزواج في المجرور الذي هو لهم وفيها متعلق بالعامل في لهم الذي هو خبر . والأزواج من جموع القلة ، لأن زوجاً جمع على زوجة نحو : عود وعودة ، وهو من جموع الكثرة ، لكنه ليس في الكثير من الكلام مستعملاً ، فلذلك استغنى عنه بجمع القلة توسعاً وتجوزاً . وقد ورد في الحديث الصحيح ما يدل على كثرة الأزواج من الحور وغيرهم . وأريد هنا بالأزواج : القرناء من النساء اللاتي تختص بالرجل لا يشركه فيها غيره . ومطهرة : صفة للأزواج مبنية على طهرت كالواحدة المؤنثة . وقرأ زيد بن علي : مطهرات ، فجمع بالألف والتاء على طهرن . قال الزمخشري : هما لغتان فصيحتان ، يقال : النساء فعلن ، وهن فاعلات ، والنساء فعلت ، وهي فاعلة ، ومنه بيت الحماسة : % ( وإذا العذارى بالدخان تقنت % .
واستعجلت نصب القدور فملت .
) % .
والمعنى : وجماعة أزواج مطهرة ، انتهى كلامه . .
وفيه تعقب أن اللغة الواحدة أولى من الأخرى ، وذلك أن جمع ما لا يعقل ، إما أن يكون جمع قلة ، أو جمع كثرة إن كان جمع كثرة فمجيء الضمير على حد ضمير الواحدة أولى من مجيئه على حد ضمير الغائبات ، وإن كان جمع قلة فالعكس ، نحو : الأجذاع انكسرن ، ويجوز انكسرت ، وكذلك إذا كان ضميراً عائداً على جمع العاقلات الأولى فيه النون من التاء ، فإذا بلغن أحلهن ، والوالدات يرضعن ، ولم يفرقوا في ذلك بين جمع القلة والكثرة كما فرقوا في جمع ما لا يعقل . فعلى هذا الذي تقرر تكون قراءة زيد الأولى إذ جاءت في الظاهر على ما هو أولى . ومجيء هذه الصفة مبنية للمفعول ، ولم تأت ظاهرة أو ظاهرات ، أفخم لأنه أفهم أن لها مطهِّراً وليس إلا الله تعالى . وقراءة عبيد بن عمير مطهرة ، وأصله متطهرة ، فأدغم . وفي كلام بعض العرب ما أحوجني إلى بيت الله فاطهر به أطهرة ، أي : فأتطهر به تطهرة ، وهذه القراءة مناسبة لقراءة الجمهور ، لأن الفعل مما يحتمل أن يكون مطاوعاً نحو : طهرته فتطهر ، أي أن الله تعالى طهرهن فتطهرن . وهذه الأزواج التي وصفها الله بالتطهير إن كن من الحور العين ، كما روي عن عبد الله . فمعنى التطهير : خلقهن على الطهارة لم يعلق بهن دنس ذاتي ولا خارجي وإن كن من بني آدم ، كما روي عن الحسن : عن عجائزكم الرمص الغمص يصرن شواب ، فقيل : مطهرة من العيوب الذاتية وغير الذاتية ، وقيل : مطهرة من الأخلاق السيئة والطبائع الرديئة ، كالغضب والحدة والحقد والكيد المكر ، وما يجري مجرى ذلك ، وقيل : مطهرة من الفواحش والخنا والتطلع إلى غير أزواجهن ، وقيل : مطهرة من الأدناس الذاتية ، مثل الحيض والنفاس والجنابة والبول والتغوط وغير ذلك من المقادير الحادثة عن الأعراض المنقبلة إلى فساد : كالبخر والذفر والصنان والقيح والصديد ، أو إلى غير فساد : كالدمع والعرق والبصاق والنخامة . وقيل : مطهرة من مساوىء