@ 477 @ كلام الله تعالى للرسول ، اعتراضاً بين كلام القاتل والمقتول ، والضمير عائد في ^ ( قال ) ^ على الله ليس بظاهر ، ^ ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلنك ) ^ قال ابن عباس : المعنى : ما أنا بمنتصر لنفسي ، وقال عكرمة : المعنى ما كنت لأبتدئك بالقتل ، وقال مجاهد والحسن : لم يكن الدفع عن النفس في ذلك الوقت جائزاً ، وقال عبد الله بن عمرو وابن عباس والجمهور : كان هابيل أشد قوة من قابيل ، ولكنه تحرج من القتل ، وهذا يدل على أن القاتل ليس بكافر ، وإنما هو عاص ، إذ لو كان كافراً لما تحرج هابيل من قتله ، وإنما استسلم عثمان بن عفان ، وقيل : إنما ترك الدفع عن نفسه ، لأن أظهرت له مخيلة انقضاء عمره ، فبنى عليها أو ، بإخبار أبيه ، وكما جرى لعثمان ، إذ بشره الرسول بالجنة على بلوى تصيبه ، ورآه في اليوم الذي قتل فيه في النوم ، وهو يقول : إنك تفطر الليلة عندنا ، فترك الدفع في نفسه حتى قتل ، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ' الق على وجهك ، وكن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل ' ، وقيل : إن هابيل لاحت له أمارات غلبة الظن من قابيل على قتله ، ولكن يتحقق ذلك ، فذكر له هذا الكلام قبل الإقدام على القتل ، ليزدجر عنه ، وتقبيحاً لهذا الفعل ، ولهذا يروى : أن قالبل صبر حتى نام هابيل ، فضرب رأسه بحجر كبير فقتله ، وقال ابن جرير : ليس في الآية دليل على أن المقتول علم عزم القاتل على قتله ، ثم ترك الدفع عن نفسه ، قال الزمخشري : فإن قلت : لم جاء الشرط بلفظ الفعل والجزاء بلفظ اسم الفاعل ، وهو قوله ! 2 < لئن بسطت > 2 ! ! 2 < ما أنا بباسط > 2 ! قلت : ليفيد أنه لا يفعل ما يكتسب به هذا الوصف الشنيع ، ولذلك أكده بالباء المؤكدة للنفي انتهى ، وأورد أبو عبد الله الرازي هذا السؤال والجواب ولم ينسبه الزمخشري وهو كلام فيه انتقاد ، وذلك أن قوله ! 2 < ما أنا بباسط > 2 ! ليس جزاء ، بل هو جواب للقسم المحذوف قبل اللام في ! 2 < لئن > 2 ! المؤذنة بالقسم ، والموطئة للجواب لا للشرط ، وجوب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، ولو كان جواباً للشرط لكان بالفاء ، فإنه إذا كان جواب الشرط منفياً بما فلا بد من الفاء ، كقوله ! 2 < وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا > 2 ! [ الجاثية : 25 ] ولو كان أيضاً جواباً للشرط للزم من ذلك خرم القاعدة النحوية ، من أنه إذا تقدم القسم على الشرط ، فالجواب للقسم لا للشرط ، وقد خالف الزمخشري كلامه هذا بما ذكره في البقرة ، في قوله : ! 2 < ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك > 2 ! البقرة [ 145 ] ، فقال ! 2 < ما تبعوا > 2 ! جواب القسم المحذوف ، سد مسد جواب الشرط ، وتكلمنا معه هناك فينظر ، ! 2 < إني أخاف الله رب العالمين > 2 ! هذا ذكر لعلة الامتناع في بسط يده إليه للقتل ، وفيه تنبيه على أن القاتل لا يخاف الله ، ! 2 < إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار > 2 ! ذهب قوم إلى أن الإرادة هنا مجاز لا محبة إيثار شهوة ، وإنما هي تخيير في شرين ، كما تقول العرب : في الشر خيار ، والمعنى : إن قتلتني وسبق بذلك قدر ، فاختياري أن أكون مظلوماً ينتصر الله لي في الآخرة ، وذهب قوم إلى أن الإرادة هنا حقيقة ، لا مجاز ، لا يقال : كيف جاز أن يريد شقاوة أخيه وتعذيبه بالنار ؟ لأن جزاء الظالم حسن أن يراد ، وإذا جاز أن يريده الله تعالى جاز أن يريده العبد ، لأنه لا يريد إلا ما هو حسن قاله الزمخشري ، وفيه دسيسة الاعتزال ، وقال ابن كيسان : إنما وقعت الإرادة بعدما بسط يده للقتل ، وهو مستقبح ، فصار