@ 424 @ ترى إنك تقول : من قامت فتؤنث مراعاة للمعنى إذا أردت السؤال عن مؤنث ، ولا خبر هنا فيؤنث قامت لأجله . والذي يظهر لي في تخريج الآية غير ما ذكر . وذلك وجهان : أحدهما : إنّ الضمير في كانتا لا يعود على أختين ، إنما هو يعود على الوارثتين ، ويكون ثم صفة محذوفة ، واثنتين بصفته هو الخبر ، والتقدير : فإن كانت الوارثتان اثنتين من الأخوات فلهما الثلثان مما ترك ، فيفيد إذ ذاك الخبر ما لا يفيد الاسم ، وحذف الصفة لفهم المعنى جائز . والوجه الثاني : أن يكون الضمير عائداً على الأختين كما ذكروا ، ويكون خبر كان محذوفاً لدلالة المعنى عليه ، وإن كان حذفه قليلاً ، ويكون اثنتين حالاً مؤكدة والتقدير : فإن كانت أختان له أي للمرء الهالك . ويدل على حذف الخبر الذي هو له وله أخت ، فكأنه قيل : فإن كانت أختان له ، ونظيره أن تقول : إن كان لزيد أخ فحكمه كذا ، وإن كان أخوان فحكمهما كذا . تريد وإن كان أخوان له . .
{ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظّ الاْنثَيَيْنِ } يعني أنهم يحوزون المال على ما تقرر في أرث الأولاد من أنّ للذكر مثل حظ الأنثيين . والضمير في كانوا إنْ عاد على الأخوة فقد أفاد الخبر بالتفصيل المحتوي على الرجال والنساء ، ما لم يفده الاسم ، لأن الاسم ظاهر في الذكور . وإن عاد على الوارث فظهرت إفادة الخبر ما لا يفيد المبتدأ ظهوراً واضحاً . والمراد بقوله : أخوة الأخوة والأخوات ، وغلب حكم المذكر . وقرأ ابن أبي عبلة : فإن للذكر مثل حظ الأنثيين . .
{ يُبَيّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } أنْ تضلوا مفعول من أجله ، ومفعول يبين محذوف أي : يبين لكم الحق . فقدره البصري والمبرد وغيره : كراهة أن تضلوا . وقرأ الكوفي ، والفراء ، والكسائي ، وتبعهم الزجاج : لأن لا تضلوا ، وحذف لا ومثله عندهم قول القطامي : % ( رأينا ما رأى البصراء منا % .
فآلينا عليها أن تباعا .
) % .
أي أن لا تباعا ، وحكى أبو عبيدة قال : حدثت الكسائي بحديث رواه ابن عمر فيه : ( لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من الله إجاية ) فاستحسنه أي لئلا يوافق . وقال الزجاج هو مثل قوله إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا أي لأن لا تزولا ورجح أبو عليّ قول المبرد بأن قال حذف المضاف أسوغ وأشبع من حذف لا . وقيل أن تضلوا مفعول به أي يبين الله لكم الضلالة أن تضلوا فيها . { وَاللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } يعلم مصالح العباد في المبدأ والمعاد ، وفيما كلفهم به من الأحكام . وقال أبو عبد الله الرازي : في هذه السورة لطيفة عجيبة وهي أنّ أولها مشتمل على كمال تنزه الله تعالى وسعة قدرته ، وآخرها مشتمل على بيان كمال العلم ، وهذان الوصفان بهما تثبت الربوبية والإلهية والجلال والعزة ، وبهما يجب أن يكون العبد منقاداً للتكاليف . .
وتضمنت هذه الآيات أنواعاً من الفصاحة والبيان والبديع . فمن ذلك الطباق في : حرمنا وأحلت ، وفي : فآمنوا وإن تكفروا . والتكرار في : وما قتلوه ، وفي : وأوحينا ، وفي : ورسلاً ، وفي : يشهد ويشهدون ، وفي : كفروا ، وفي : مريم ، وفي : اسم الله . والالتفات في : فسوف نؤتيهم ، وفي : فسنحشرهم وما بعد ما في قراءة من قرأ بالنون . والتشبيه في : كما أوحينا . والاستعارة في : الراسخون وهي في الاجرام استعيرت للثبوت في العلم والتمكن فيه ، وفي : سبيل الله ، وفي : يشهد ، وفي : طريقاً ، وفي : لا تغلوا والغلو حقيقة في ارتفاع السعر ، وفي : وكيلاً استعير لإحاطة علم الله بهم ، وفي : فيوفيهم أجورهم استعير للمجازاة . والتجنيس المماثل في : يستفتونك ويفتيكم . والتفصيل في : فأما الذين آمنوا وأما الذين استنكفوا . والحذف في عدّة مواضع . .