@ 404 @ ابن عطية : لعناهم وأذللناهم ، وحتمنا على الوافين منهم الخلود في جهنم . قال ابن عطية : وحذف جواب هذا الكلام بليغ متروك مع ذهن السامع انتهى . وتسمية ما يتعلق به المجرور بأنه جواب اصطلاح لم يعهد في علم النحو ، ولا تساعده اللغة ، لأنه ليس بجواب . وجوزوا أن يتعلق بقوله : { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ } على أن قوله : { فَبِظُلْمٍ مّنَ الَّذِينَ هَادُواْ } بدل من قوله : فبما نقضهم ميثاقهم ، وقاله الزجاج ، وأبو بكر ، والزمخشري ، وغيرهم . وهذا فيه بعد لكثرة الفواصل بين البدل والمبدل منه ، ولأن المعطوف على السبب سبب ، فيلزم تأخر بعض أجزاء السبب الذي للتحريم في الوقت عن وقت التحريم ، فلا يمكن أن يكون جزء سبب أو مسبباً إلا بتأويل بعيد وبيان ذلك أن قولهم على مريم بهتاناً عظيماً ، وقولهم : إنا قتلنا المسيح ، متأخر في الزمان عن تحريم الطيبات عليهم ، فالأولى أن يكون التقدير : لعناهم ، وقد جاء مصرحاً به في قوله : { فَبِمَا نَقْضِهِم مّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } . .
{ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } تقدم تفسير هذه الجملة فأغنى عن إعادته . .
{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } الظاهر في قوله : وبكفرهم ، وقولهم أنه معطوف على قوله : فبما نقضهم وما بعده . على أن الزمخشري أجاز أن يكون قوله : وبكفرهم وقولهم ، معطوفاً على بكفرهم . وتكرار نسبة الكفر إليهم بحسب متعلقاته ، إذ كفروا بموسى ، ثم بعيسى ، ثم بمحمد عليه السلام ، فعطف بعض كفرهم على بعض . قال الزمخشري : أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه ، كأنه قيل : على بعض . قال الزمخشري : أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه ، كأنه قيل : فيجمعهم بين نقض الميثاق والكفر بآيات الله وقتلهم الأنبياء وقولهم : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } ، وجمعهم بين كفرهم ويهتهم مريم ، وافتخارهم بقتل عيسى عليه السلام ، عاقبناهم . أو بل طبع الله عليها وجمعهم بين كفرهم ، وكذا وكذا . وقال الزمخشري أيضاً : ( فإن قلت ) : هلا زعمت أنّ المحذوف الذي تعلقت به الباء ما دل عليه قوله : بل طبع الله عليها بكفرهم ؟ ( قلت ) : لم يصح هذا التقدير ، لأن قوله : بل طبع الله عليها بكفرهم ، ردّ وإنكار لقولهم : قلوبنا غلف ، فكان متعلقاً به انتهى . وهو جواب حسن ، ويمتنع من وجه آخر وهو أنّ العطف ببل يكون للإضراب عن الحكم الأول ، وإثباته للثاني على جهة إبطال الأول ، أو الانتقال عاماً في كتاب الله في الإخبار ، فلا يكون إلا للانتقال . ويستفاد من الجملة الثانية ما لا يستفاد من الجملة الأولى . والذي قدّره الزمخشري لا يسوغ فيه هذا الذي قرّرناه ، لأن قوله : فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله ، وقولهم : قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم ، فأفادت الجملة الثانية ما أفادت الجملة الأولى وهو لا يجوز . لو قلت : مر زيد بعمرو ، بل مر زيد بعمرو ، لم يجز . وقد أجاز ذلك أبو البقاء وهو أن يكون التقدير : فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله ، وكذا طبع على قلوبهم . وقيل : التقدير فيما نقضهم ميثاقهم لا يؤمنون إلا قليلاً ، والفاء مقحمة . وما في قوله : فبما نقضهم كهي في قوله : { فَبِمَا رَحْمَةٍ } وتقدّم الكلام فيها . والبهتان العظيم رميهم مريم عليها السلام بالزنا مع رؤيتهم الآية في كلام عيسى عليه السلام في