@ 400 @ كلام العرب : لا ودي . وفي السماء بيته يعنون الله تعالى . وإذا احتملت الآية هذه الوجوه لم يتعين حملها على ما ذكر ، وخص الجهر بالذكر إما إخراجاً له مخرج الغائب ، وإمّا اكتفاء بالجهر عن مقابله ، أو لكونه أفحش . .
{ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً } أي سميعاً لما يجهر به من السوء ، عليماً بما يسر به منه . وقيل : سميعاً لكلام المظلوم ، عليماً بالظالم . وقيل : سميعاً بشكوى المظلوم ، عليماً بعقبى الظالم ، أو عليماً بما في قلب المظلوم ، فليتق الله ولا يقل إلا الحق . وهذه الجملة خبر ومعناه التهديد والتحذير . .
{ إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } الظاهر أنّ الهاء في تخفوه تعود على الخير . قال ابن عباس : يريد من أعمال البر كالصيام والصدقة . وقال بعضهم : في تخفوه عائد على الخير . قال ابن عباس : يريد من أعمال البر كالصيام والصدقة . وقال بعضهم : في تخفوه عائد على السوء ، والمعنى : أنه تعالى لما أباح الجهر بالسوء لمن كان مظلوماً قال له ولجنسه : إن تبدو خيراً ، بدل من السوء ، أو تخفوا السوء ، أو تعفوا عن سوء . فالعفو أولى وإن كان غير المعفو مباحاً انتهى . وذكر إبداء الخير وإخفاءه تسبباً لذلك العفو ، ثم عطفه عليهما تنبيهاً على منزلته واعتداداً به ، وإن كان مندرجاً في إبداء الخير وإخفائه ، فجعله قسماً بالعطف لا قسيماً اعتناء به . ولذلك أتى سبحانه وتعالى بصفة العفو والقدرة منسوبة له تعالى ليقتدى بسنته ، ويتخلق بشيء من صفاته تعالى . والمعنى : أنه يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام ، وكان بالصفتين على طريق المبالغة تنبيهاً على أنّ العبد ينبغي أن يكثر منه العفو مع كثرة القدرة على الانتقام . وفي الحديث الصحيح : ( من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً } . وقال تعالى : { * } . وقال تعالى : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } . وقال الحسن : المعنى أنه تعالى يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام فعليكم بالعفو . وقال الكلبي : معناه أني أقدر على العفو عن ذنوبك منك على هفوك عن صاحبك . وقيل : عفو المن عفى قديراً على إيصال الثواب إليه . .
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ } قال الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وابن جريج : نزلت في اليهود والنصارى ، آمنت اليهود بموسى والتوراة وكفرت بعيسى ومحمد عليهما السلام ، وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل وكفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم ) والقرآن . وقيل : نزلت في اليهود خاصة ، آمنوا بموسى وعزيراً والتوراة وكفروا بعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن . ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما بين ما عليه المنافقون من سوء الخليقة ومذموم الطريقة ، أخذ في الكلام على اليهود والنصارى ، جعل كفرهم ببعض الرسل كفراً بجميع الرسل ، وكفرهم بالرسل كفراً بالله تعالى . .
{ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ } أي يفرقوا بين الإيمان بالله ورسله ، يقولون نؤمن بالله ولا نؤمن ، بفلان ، وفلان من الأنبياء .