@ 395 @ .
{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } لما كان هذا الوصف من أوصاف ( سقط : يا أيها الذين آمنوا لا تتخدوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) المنافقين ، وتقدم ذمهم بذلك ، نهى الله تعالى المؤمنين عن هذا الوصف . وكان للأنصار في بني قريظة رضاع وحلف ومودة ، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) : من نتولى ؟ فقال : { * المهاجرون } . وقال القفال : هذا نهي للمؤمنين عن موالاة المنافقين يقول : قد بينت لكم أخلاق هؤلاء المنافقين فلا تتخذوا منهم أولياء انتهى . فعلى هذا هل الكافرون هنا اليهود أو المنافقون قولان ؟ وقال ابن عطية : خطابه للمؤمنين يدخل فيه بحكم الظاهر المنافقون المظهرون للإيمان ، وفي اللفظ رفق بهم وهو المراد بقوله : أتريدون أن هذا التوفيق إنما هو لمن ألمّ بشيء من العقل المؤدّي إلى هذه الحال ، والمؤمنون المخلصون ما ألموا بشيء من ذلك . ويقوي هذا المنزع قوله تعالى : من دون المؤمنين ، أي : والمؤمنون العارفون المخلصون غيب عن هذه الموالاة ، وهذا لا يقال للمؤمنين المخلصين بل المعنى : يا أيها الذين أظهروا الإيمان والتزموا لوازمه انتهى . قيل : وفي الآية دليل على أنّ الكفار لا يستحق على المسلم ولاية بوجه ولداً كان أو غيره ، وأن لا يستعان بذمي في أمر يتعلق به نصرة وولاية كقوله تعالى : { ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ } وقد كره بعض العلماء توكيله في الشراء والبيع ، وفي دفع المال إليه مضاربة . .
{ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } أي حجة ظاهرة واضحة بموالاتكم الكافرين أو المنافقين على قول القفال . والمعنى : أنه يأخذكم إن واليتم الكفار بانتقام منه ، وله عليكم في ذلك الحجة الواضحة ، إذْ قد بين لكم أحوالهم ونهاكم عن موالاتهم . وقيل : السلطان هنا القهر والقدرة . والمعنى : أنه يسلط عليكم بسبب اتخاذكم الكفار أولياء والسلطان . قال الفراء : أنث وذكر ، وبعض العرب يقول : قضت به عليك السلطان ، وقد أخذت فلاناً السلطان ، والتأنيث عند الفصحاء أكثر انتهى . فمن ذكر ذهب به إلى البرهان والاحتجاج ، ومن أنّث ذهب به إلى الحجة ، وإنما اختير التذكير هنا في الصفة وإن كان التأنيث أكثر ، لأنه وقع الوصف فاصلة ، فهذا هو المرجح للتذكير على التأنيث . وقال ابن عطية : والتذكير أشهر وهي لغة القرآن حيث وقع ، وهذا مخالف لما قاله الفراء . وإذا سمي به صاحب الأمر فهو على حذف مضاف والتقدير : ذو السلطان ، أي : ذو الحجة على الناس إذ هو مدبرهم والناظر في مصالحهم ومنافعهم . وقال الزمخشري : لا تتشبهوا بالمنافقين في اتخاذهم اليهود وغيرهم من أعداء الإسلام أولياء سلطان حجة بينة يعني : أنّ موالاة الكافرين بينة على المنافقين . وعن صعصة بن صرحان أنه قال لابن أخ له خالص المؤمن وخالق الكافر والفاجر : فإنّ الفاجر يرضى منك بالخلق الحسن ، وإنه يحق عليك أن تخالص المؤمن