@ 381 @ نسائه فيعدل ويقول : هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تؤاخذاني فيما تملك ولا أملك ) يعني المحبة ، لأنّ عائشة رضي الله عنها كانت أحب إليه وكان عمر يقول : اللهم قلبي فلا أملكه ، وأما ما سوى ذلك فأرجو أن أعدل فيه . .
{ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } نهى تعالى عن الجور على المرغوب أي : إن وقع منكم التفريط في شيء من المساواة فلا تجوروا كل الجور . والضمير في فتذروها عائد على المميل عنها المفهوم من قوله : فلا تميلوا كل الميل . .
وقرأ أُبيّ : فتذروها كالمسجونة . وقرأ عبد الله : فتذروها كأنها معلقة . وتقدم تفسير المعلقة في الكلام على المفردات . وقال ابن عباس : كالمحبوسة بغير حق . وقيل : معنى كالمعلقة كالبعيدة عن زوجها . قيل : أو عن حقها ، ذكره الماوردي مأخوذ من تعليق الشيء لبعده عن قراره . وتذروها يحتمل أن يكون مجزوماً عطفاً على تميلوا ، ويحتمل أن يكون منصوباً بإضمار أن في جواب النهي . وكالمعلقة في موضع نصب على الحال ، فتتعلق الكاف بمحذوف . وفي الحديث : ( من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل ) والمعنى : يميل مع إحداهما كل الميل ، لا مطلق الميل . وقد فاضل عمر في عطاء بين أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فأبت عائشة وقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كان يعدل بيننا في القسيمة بماله ونفسه ، فساوى عمر بينهن ، وكان لمعاذ امرأتان فإذا كان عند إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى ، فماتتا في الطاعون فدفنهما في قبر واحد . .
{ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } قال الزمخشري : وإن تصلحوا ما مضى من قبلكم وتتداركوه بالتوبة ، وتتقوا فيما يستقبل ، غفر الله لكم انتهى . وفي ذلك نزغة الاعتزال . وقال ابن عطية : وإن تصلحوا ما أفسدتم بسوء العشرة ، وتلزموا ما يلزمكم من العدل فيما تملكون ، فإن الله كان غفوراً لما تملكونه متجاوزاً عنه . وقال الطبري : غفوراً لما سلف منكم من الميل كل الميل قبل نزول الآية انتهى . فعلى هذا هي مغفرة مخصصة لقوم بأعيانهم واقعوا المحظور في مدّة النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وختمت تلك بالإحسان ، وهذه بالإصلاح . لأنّ الأولى في مندوب إليه إذ له أن لا يحسن وإن يشح ويصالح بما يرضيه ، وهذه في لازم ، إذ ليس له إلا أن يصلح ، بل يلزمه العدل فيما يملك . .
{ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مّن سَعَتِهِ } الضمير في يتفرقا عائد على الزوجين المذكورين في قوله : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا } والمعنى : وإن شح كل منهما ولم يصطلحا وتفرّقا بطلاق ، فالله يغني كلاً منها عن صاحبه بفضله ولطفه في المال والعشرة والسعة . ووجود المراد والسعة الغنى والمقدرة وهذا وعد بالغنى لكل واحد إذا تفرقا ، وهو معروف بمشيئة الله تعالى . ونسبة الفعل إليهما يدل على أنّ لكل منهما مدخلاً في التفرق ، وهو التفرق بالأبدان وتراخي المدة بزوال العصمة ، ولا يدل على أنه