@ 245 @ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً } . فلو جرى الكلام على هذا السياق لكان مما نزل على عبده ، لكن في هذا الالتفات من التفخيم للمنزل والمنزل عليه ما لا يؤديه ضمير غائب ، لا سيما كونه أتى بنا المشعرة بالتعظيم التام وتفخيم الأمر ونظيره ، { وَهُوَ الَّذِى أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا } ، وتعدي نزل بعلى إشارة إلى استعلاء المنزل على المنزل عليه وتمكنه منه ، وأنه قد صار كالملابس له ، بخلاف إلى فإنها تدل على الانتهاء والوصول . .
ولهذا المعنى الذي أفادته على تكرار ذلك في القرآن في آيات ، قال تعالى : { نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ } ، طه { مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَى } ، { هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ } . وفي إضافة العبد إليه تعالى تنبيه على عظيم قدره ، واختصاصه بخالص العبودية ، ورفع محله وإضافته إلى نفسه تعالى ، واسم العبد عام وخاص ، وهذا من الخاص : % ( لا تدعني إلا بيا عبدها % .
لأنه أشرف أسمائي .
) % .
ومن قرأ : على عبادنا بالجمع ، فقيل : يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وأمته ، قاله الزمخشري ، وصار نظير قوله تعالى : { ءانٍ * إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا } ، لأن جدوى المنزل والهداية الحاصلة به من امتثال التكاليف ، والموعود على ذلك لا يختص بل يشترك فيه المتبوعون والتباع ، فجعل كأنه نزل عليهم . وذلك نوع من المجاز يجعل فيه من لم يباشر الشيء إذا كان مكلفاً به منزلة من باشر ، ويحتمل أن يريد به النبيين الذين أنزل عليهم الوحي ، والكتب والرّسول أول مقصود بذلك ، وأسبق داخل في العموم ، لأنه هو الذي طلب معاندوه بالتحدي في كتابه ، ويكون ذلك خطاباً لمنكري النبوات ، كما قال تعالى ، حكاية عن بعضهم : { وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مّن شَىْء } . ويحتمل أن يراد بالمفرد الجمع . وتبينه هذه القراءة كقوله تعالى : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا * إِبْراهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الاْيْدِى وَالاْبْصَارِ } ، في قراءة من أفرد ، فيكون إذ ذاك للجنس . .
فأتوا بسورة : طلب منهم الإتيان بمطلق سورة ، وهي القطعة من القرآن التي أقلها ثلاث آيات ، فلم يقترح عليهم الإتيان بسورة طويلة فتعنتوا في ذلك ، بل سهل عليهم وأراح عليهم بطلب الإتيان بسورة ما ، وهذا هو غاية التبكيت والتخجيل لهم . فإذا كنتم لا تقدرون أنتم ولا معاضدوكم بالإتيان بسورة من مثله ، فكيف تزعمون أنه من جنس كلامكم ؟ وكيف يلحقكم في ذلك ارتياب أنه من عند الله ؟ .
وقد تعرض الزمخشري هنا لذكر فائدة تفصيل القرآن وتقطيعه سوراً ، وليس ذلك من علم التفسير ، وإنما هو من فوائد التفصيل والتسوير . من مثله : الهاء عائدة على ما ، أو على عبدنا ، والراجح الأول وهو قول أكثر المفسرين ورجحانه من وجوه : أحدها : أن الارتياب أولاً إنما جيء به منصباً على المنزل لا على المنزل عليه ، وإن كان الريب في المنزل ريباً في المنزل عليه بالالتزام ، فكان عود الضمير عليه أولى . الثاني : أنه قد جاء في نظير هذه الآية وهذا السياق قوله : { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ * فَأْتُوا