@ 338 @ كلام لم يتقدم له ذكر في الخطاب ، لأنه لا يجوز أعط هذا رجلاً وإن كان رجلاً فاعطه ، فهذا كلام فاسد لا يتكلم به حكيم ، فثبت أنّ هذا المؤمن المعطوف على الأول غير داخل في الخطاب . ثم قال : طاهر الآية يعني : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ، يقتضي أن يكون المقتول المذكور في الآية ذا عهد ، وأنه غير جائز إضمار الإيمان له إلا بدلاله ، ويدل عليه : أنه لما أراد مؤمناً من أهل دار الحرب ذكر الإيمان فقال : وهو مؤمن ، لأنه لو أطلق لاقتضى الإطلاق أن يكون كافراً من قوم عدو لكم انتهى كلامه . .
أما قوله : استئناف لم يتقدم له ذكر في الخطاب ، فليس بصحيح ، بل تقدم له ذكر في الخطاب في قوله : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ، ومن قتل مؤمناً خطأ ، ولكنه ليس استئنافاً ، إنما هو من باب التقسيم كما ذكرناه . بدأ أولاً بالأشرف وهو المؤمن ، وأهله مؤمنون ليسوا بحربيين ولا معاهدين . وأما قوله : لأنه لا يجوز أعط هذا رجلاً وإن كان رجلاً فأعطه ، فهذا ليس نظير الآية بوجه ، وإنما الضمير في كان عائداً على المقتول خطأ ، المؤمن إذا كان من قوم عدو لكم ، وجاء قوله : وهو مؤمن على سبيل التوكيد لا سبيل التقييد ، إذ القيد مفهوم مما قبله في الاستثناء ، وفي جملة الشرط . وقوله : ويدل عليه إلى آخره ، لا يدل عليه لما ذكرنا أنَّ الحال مؤكدة ، وفائدة تأكيدها أن لا يتوهم أنَّ الضمير يعود على مطلق المقتول لا بقيد الإيمان . وقوله : لأنه لو أطلق لاقتضى الإطلاق أن يكون كافراً من قوم عد ، وليس كذلك بل لو لم يأت بقوله : وهو مؤمن ، لكان الضمير الذي في كان عائداً على المقتول خطأ ، لأنّه لم يجرد ذكر لغيره ، فلا يعود الضمير على غير من لم يجر له ذكر ، ويترك عوده على ما يجري عليه ذكر . .
{ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } يعني : رقبة لم يملكها ، ولا وجد ما يتوصل به إلى ملكها ، فعليه صيام شهرين متتابعين . وظاهر الآية يقضي أنه لا يجب غير ذلك ، إذ لو وجبت الدّية لعطفها على الصيام ، وإلى هذا ذهب : الشعبي ، ومسروق ، وذهب الجمهور : إلى وجوب الدّية . قال ابن عطية : وما قاله الشعبي ومسروق وهم ، لأنّ الدّية إنما هي على العاقلة وليست على القاتل انتهى . وليس بوهم ، بل هو ظاهر الآية كما ذكرناه . .
ومعنى التتابع : لا يتخللها فطر . فإن عرض حيض في أثنائه لم يعد قاطعاً بإجماع . وليس له أن يسافر فيفطر ، والمرض كالحيض عند : ابن المسيب ، وسليمان بن يسار ، والحسن ، والشعبي ، وعطاء ، ومجاهد ، وقتادة ، وطاووس ، ومالك . وقال ابن جبير ، والنخعي ، والحكم بن عتيبة ، وعطاء الخراساني ، والحسن بن حي ، وأبو حنيفة وأصحابه : يستأنف إذا أفطر لمرض . وللشافعي القولان . وقال ابن شبرمة : يقضي ذلك اليوم وحده إن كان عذر غالب كصوم رمضان . .
{ تَوْبَةً مّنَ اللَّهِ } انتصب على المصدر أي : رجوعاً منه إلى التسهيل والتخفيف ، حيث نقلكم من الرقبة إلى الصوم . أو توبة من الله أي قبولاً منه ورحمة من تاب الله عليه إذا قبل توبته . ودعا تعالى قاتل الخطأ إلى التوبة ، لأنه لم يتحرز ، وكان من حقه أن يتحفظ . .
{ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } أي عليماً بمن قتل خطأ ، حكيماً حيث رتب ما رتب على هذه الجناية على ما اقتضته حكمته تعالى . .
{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } نزلت في مقيس بن صبابة حين قتل أخاه هشام بن صبابة رجل من الأنصار ، فأخذ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ) الدّية ، ثم بعثه مع رجل من فهر بعد ذلك في أمر مّا ، فقتله مقيس ، ورجع إلى مكة مرتداً وجعل ينشد : % ( قتلت به فهراً وحملت عقله % .
سراه بني النجار أرباب فارع .
) % % ( حللت به وتري وأدركت ثورتي % .
وكنت إلى الأوثان أوّل راجع .
) %