@ 285 @ وَءاتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } أي ملك سليمان قاله : ابن عباس . وقال مجاهد : هو النبوّة . وقال همام بن الحرث وأبو مسلمة وابن زيد هو التأييد بالملائكة . وقيل : الناس هنا الرسول ، وأبو بكر ، وعمر . والكتاب : التوراة والإنجيل أو هما ، والزبور أقوال ، والحكمة النبوّة قاله : السدي ومقاتل . أو الفقه في الدين قاله أبو سليمان الدمشقي . وقيل : الملك العظيم هو الجمع بين سياسة الدنيا وشرع الدين ذكره الماوردي . وقال الزمخشري : أم يحسدونهم على ما آتاهم الله من فضله النصرة والغلبة وازدياد العز والتقدم كل يوم ، فقد آتينا الزام لهم بما عرفوه من ايتاء الله لكتاب والحكمة آل إبراهيم الذين هم أسلاف محمد صلى الله عليه وسلم ) ، وأنه ليس ببدع أن يؤتيه الله مثل ما أوتى أسلافه . وعن ابن عباس : الملك في آل إبراهيم ملك يوسف ، وداود ، وسليمان ، انتهى كلامه . وهو كلام حسن . .
{ فَمِنْهُمْ مَّنْ ءامَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ } أي : من آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ، ومنهم من كفر كقوله : ( فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ) قاله السدي : أو فمن آل إبراهيم من آمن بالكتاب ، أو فمن اليهود المخاطبين بقوله : ( يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا ) من آمن به أي بالقرآن ، وهو المأمور بالإيمان به في قوله : بما نزلنا قاله مجاهد ، ومقاتل ، والفراء ، والجمهور ولذلك ارتفع الطمس ولم يقع . أو فمن اليهود من آمن بالفضل الذي أوتيه الرسول صلى الله عليه وسلم ) أو العرب على ما تقدّم . أو فمن اليهود من آمن به ، أي بما ذكر من حديث آل إبراهيم . أو فمن اليهود من آمن برسول الله ، ومنهم مَنْ أنكر نبوّته . والظاهر أنه تعالى لما أنكر على اليهود حسدهم الناس على فضل الله الذي آتاهم ، أتى بما بعده على سبيل الاستطراد والنظر والاستدلال عليهم بأنه لا ينبغي لكم أن تحسدوا فقد جاز أسلافكم من الشرف ما ينبغي أن لا تحسدوا أحداً . .
وتضمنت هذه الآية تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ) في كونهم يحسدونه ولا يتبعونه ، فذكر أنَّهم أيضاً مع أسلافهم وأنبيائهم انقسموا إلى مؤمن وكافر ، هذا وهم أسلافهم فكيف بنبي ليس هو منهم ؟ . .
وقرأ ابن مسعود وابن عباس ، وابن جبير ، وعكرمة ، وابن يعمر ، والجحدري : ومن صد عنه برفع الصاد مبنياً للمفعول . وقرأ أبي وأبو الحوراء وأبو رجاء والحوقي ، بكسر الصاد مبنياً للمفعول . والمضاعف المدغم الثلاثي يجوز فيه إذا بني للمفعول ما جاز في باع إذا بني للمفعول ، فتقول : حب زيد بالضم ، وحب بالكسر . ويجوز الاشمام . والصد ليس مقابلاً للإيمان إلا من حيث المعنى ، وكان المعنى والله أعلم : فمنهم من آمن به واتبعه ، ومنهم من كذب به وصد عنه . .
{ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } أي احتراقاً والتهاباً أي لمن صدّ عنه . وسعيراً يميز وهو شدة توقد النار . والتقدير : وكفى بسعير جهنم سعيراً ، وهو كناية عن شدة العذاب والعقوبة . .
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِئَايَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً } لما ذكر قوله : ومنهم من صد عنه ، وكفى بجهنم سعيراً أتبع ذلك بما أعد الله للكافرين بآياته ، ثم بعد يتبع بما أعد للمؤمنين ، وصار نظير وتسود وجوه ، ( فأما الذين اسودت وجوههم ) . وقرأ الجمهور نصليهم من أصلى . وقرأ حميد : نصليهم من صليت . وقرأ سلام ويعقوب : نصليهم بضم الهاء . .
{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } انتصاب على كل الظرف لأنه مضاف إلى ما المصدرية الظرفية ، والعامل فيه بدلناهم ، وهي جملة فيها معنى الشرط ، وهي في موضع الحال ، والعامل فيها نصليهم . والتبديل على معنيين : تبديل في الصفات مع بقاء العين ، وتبديل في الذوات بأن تذهب العين وتجيء مكانها عين أخرى ، يقال : هذا بدل هذا . والظاهر في الآية هذا المعنى الثاني . وأنه إذا نضج ذلك الجلد وتهري وتلاشى جيء بجلد آخر مكانه ، ولهذا قال : جلوداً غيرها . قال السدي : إن الجلود تخلق من اللحم ، فإذا أحرق جلد بدله الله من