@ 266 @ وعبيدة واستبعد . وقال القرطبي : قولهما صحيح المعنى ، لأن المطلوب من المصلي الإقبال على عبادة الله تعالى بقلبه وقالبه ، بصرف الأسباب التي تشوّش عليه وتقل خشوعه من : نوم ، وحقنة ، وجوع ، وغيره مما يشغل البال . وظاهر الآية يدل على النهي عن قربان الصلاة في حالة السكر . وقيل : المراد النهي عن السكر ، لأن الصلاة قد فرضت عليهم وأوقات السكر ليست محفوظة عندهم ولا بمقدرة ، لأن السكر قد يقع تارة بالقليل وتارة بالكثير ، وإذا لم يتحرر وقت ذلك عندهم تركوا الشرب احتياطاً لأداء ما فرض عليهم من الصلوات . وأيضاً فالسكر يختلف باختلاف أمزجة الشاربين ، فمنهم من سكره الكثير ، ومنهم من سكره القليل . .
وقرأ الجمهور : سكارى بضم السين . واختلفوا : أهو جمع تكسير ؟ أم اسم جمع ؟ ومذهب سيبويه أنه جمع تكسير . قال سيبويه في حد تكسير الصفات : وقد يكسرون بعض هذه على فعالى ، وذلك قول بعضهم : سكارى وعجالى . فهذا نصَّ منه على أن فعلى جمع . ووهم الأستاذ أبو الحسن بن الباذش فنسب إلى سيبويه أنه اسم جمع ، وأن سيبويه بين ذلك في الأبنية . قال ابن الباذش : وهو القياس ، لأنه جاء على بناء لم يجيء عليه جمع ألبتة ، وليس في الأبنية إلا نص سيبويه على أنه تكسير ، وذلك أنه قال : ويكون فعالى في الاسم نحو حبارى وسماني وكباري ، ولا يكون وصفاً ، إلا أن يكسر عليه الواحد للجمع نحو عجالى وسكارى وكسالى . وحكى السيرافي فيه القولين ، ورجح أنه تكسير ، وأنه الذي يدل عليه كلام سيبويه . وقرأت فرقة : سكارى بفتح السين نحو ندمان وندامى ، وهو جمع تكسير . وقرأ النخعي : سكرى ، فاحتمل أن يكون صفة لواحدة مؤنثة كامرأة سكرى ، وجرى على جماعة إذ معناه : وأنتم جماعة سكرى . وقال ابن جني : هو جمع سكران على وزن فعلى كقوله : روبي نياماً وكقولهم : هلكى وميدي جمع هالك ومائد . وقرأ الأعمش : سكرى بضم السين على وزن حبلى ، وتخريجه على أنه صفة لجماعة أي : وأنتم جماعة سكرى . وحكى جناح بن حبيش : كسلى وكسلى بالضم والفتح قاله الزمخشري . ومعنى حتى تعلموا ما تقولون : حتى تصحوا فتعلموا . جعل غاية السبب والمراد السبب ، لأنه ما دام سكران لا يعلم ما يقول وظاهر الآية يدل على أن السكران لا يعلم ما يقول ، ولذلك ذهب عثمان ، وابن عباس ، وطاووس ، وعطاء ، والقاسم ، وربيعة ، والليث ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والمزني إلى أن السكران لا يلزمه طلاق ، واختاره الطبري . وقال أجمع العلماء : على أن طلاق المعتوه لا يجوز ، والسكران معتوه كالموسوس ، معتوه بالوسواس . ولا يختلفون في أنّ طلاق من ذهب عقله بالبنج غير جائز ، فكذلك من سكر من الشراب . وروي عن عمر ومعاوية وجماعة من التابعين : أنّ طلاقه نافذ عليه وهو قول : أبي حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي . قال أبو حنيفة : أفعاله وعقوده كلها ثابتة كأفعال الصاحي إلا الردة ، فإنه إذا ارتد لا تبين امرأته منه . وقال أبو يوسف : يكون مرتداً في حال سكره ، وهو قول الشافعي ، إلا أنه لا يقتله في حال سكره ، ولا يستتيبه . واختلف قوله في الطلاق ، وألزم مالك السكران الطلاق والقود في الجراح والعقل ، ولم يلزمه النكاح والبيع . قال الماوردي : وقد رويت عندنا رواية شاذة أنه لا يلزمه طلاقه . وقال محمد بن عبد الحكم : لا يلزمه طلاق ولا عتاق . واختلفوا في السكر . فقيل : هو الذي لا يعرف صاحبه الرجل من المرأة قاله : جماعة من السلف ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ويدل عليه قوله : حتى تعلموا ما تقولون . فظاهره يدل على أنّ السكر الذي يتعلق به الحكم هو الذي لا يعقل صاحبه ما يقول . وقال الثوري : السكر اختلال العقل ، فإذا خلط في قراءته وتكلم بما لا يعرف حده . وقال أحمد : إذا تغير عقله في حاله الصحة فهو سكران . وحكى عن مالك نحوه . .
قيل : وفي الآية دلالة على أن الشرب كان مباحاً في أول الإسلام حتى ينتهي بصاحبه إلى السكر . وقال القفال : يحتمل أنه كان أبيح لهم من الشراب ما يحرك الطبع إلى السخاء