@ 254 @ ليس بناشز ويقول الحكم من جهتها لها كذلك ، فإذا ظهر لهما أن النشوز من جهته وعظاه ، وزجراه ، ونهياه . .
{ إِن يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } الضمير في يريدا عائد على الحكمين قاله : ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهما . وفي بينهما عائد على الزوجين ، أي : قصدا إصلاح ذات البين ، وصحت نيتهما ، ونصحا لوجه الله ، وفق الله بين الزوجين وألف بينهما ، وألقى في نفوسهما المودة . وقيل : الضميران معاً عائدان على الحكمين أي : إن قصدا إصلاح ذات البين ، وفق الله بينهما فيجتمعان على كلمة واحدة ، ويتساعدان في طلب الوفاق حتى يحصل الغرض . وقيل : الضميران عائدان على الزوجين أي : إن يرد الزوجان إصلاحاً بينهما ، وزوال شقاق ، يزل الله ذلك ويؤلف بينهما . وقيل : يكون في يريدا عائداً على الزوجين ، وفي بينهما عائداً على الحكمين : أي : إن يرد الزوجان إصلاحاً وفق الله بين الحكمين فاجتمعا على كلمة واحدة ، وأصلحا ، ونصحا . .
وظاهر الآية أنه لا بد من إرسال الحكمين وبه قال الجمهور . .
وروي عن مالك : أنه يجري إرسال واحد ، ولم تتعرض الآية لعدالة الحكمين ، فلو كانا غير عدلين فقال عبد الملك : حكمهما منقوض . وقال ابن العربي : الصحيح نفوذه . وأجمع أهل الحل والعقد : على أن الحكمين يجوز تحكيمهما . وذهبت الخوارج : إلى أن التحكيم ليس بجائز ، ولو فرّق الحكمان بين الزوجين خلعا برضا الزوجين . فهل يصح من غير أمر سلطان ؟ ذهب الحسن وابن سيرين : إلى أنه لا يجوز الصلح إلا عند السلطان . وذهب عمر وعثمان وابن عمر وجماعة من الصحابة والتابعين : إلى أنه يصح من غير أمر السلطان منهم : مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي . .
{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } يعلم ما يقصد الحكمان ، وكيف يوفقا بين المختلفين ، ويخبر خفايا ما ينطقان به في أمر الزوجين . .
{ وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ } مناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر أنّ الرجال قوامون على النساء بتفضيل الله إياهم عليهن ، وبإنفاق أموالهم ، ودل بمفهوم اللقب أنه لا يكون قواماً على غيرهن ، أوضح أنه مع كونه قواماً على النساء هو أيضاً مأمور بالإحسان إلى الوالدين ، وإلى من عطفه على الوالدين . فجاءت حثاً على الإحسان ، واستطراداً لمكارم الأخلاق . وأن المؤمن لا يكتفي من التكاليف الإحسانية بما يتعلق بزوجته فقط ، بل عليه غيرها من بر الوالدين وغيرهم . وافتتح التوصل إلى ذلك بالأمر بإفراد الله تعالى بالعبادة ، إذ هي مبدأ الخير الذي تترتب الأعمال الصالحة عليه . ونظير : { وَإِذَا * أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرءيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَانًا } وتقدم شرح قوله : { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ } إلا أن هنا وبذي ، وهناك وذي ، وإعادة الباء تدل على التوكيد والمبالغة ، فبولغ في هذه الآية لأنها في حق هذه الأمة ، ولم يبالغ في حق تلك ، لأنها في حق بني إسرائيل . والاعتناء بهذه الأمة أكثر من الاعتناء بغيرها ، إذ هي خير أمة أخرجت للناس . وقرأ ابن أبي عبلة : وبالوالدين إحسان بالرفع ، وهومبتدأ أو خبر فيه ما في المنصوب من معنى الأمر ، وإن كان جملة خبرية نحو قوله : .
فصبر جميل فكلانا مبتلي .
{ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى } قال ابن عباس : ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، وابن زيد ، ومقاتل في آخرين : هو الجار القريب النسب ، والجار الجنب هو الجار الأجنبي ، الذي لا قرابة بينك وبينه . وقال بلعاء بن قيس : % ( لا يجتوينا مجاور أبدا % .
ذو رحم أو مجاور جنب .
) % .
وقال نوف الشامي : هو الجار المسلم . .
{ وَالْجَارِ الْجُنُبِ } هو : الجار اليهودي ، والنصراني . فهي عنده قرابة الإسلام ، وأجنبية الكفر . وقالت فرقة ، هو الجار القريب المسكن منك ، والجنب هو البعيد المسكن منك . كأنه انتزع