@ 249 @ .
والذي يظهر أنَّ هذا إخبار عن الجنس لم يتعرض فيه إلى اعتبار أفراده ، كأنه قيل : هذا الجنس قوام على هذا الجنس . وقال ابن عباس : قوّامون مسلطون على تأديب النساء في الحق . ويشهد لهذا القول طاعتهن لهم في طاعة الله . وقوام : صفة مبالغة ، ويقال : قيام وقيم ، وهو الذي يقوم بالأمر ويحفظه . وفي الحديث : ( أنت قيام السموات والأرض ومن فيهن ) والباء في بما للسبب ، وما مصدرية أي : بتفضيل الله . ومن جعلها بمعنى الذي فقد أبعد ، إذ لا ضمير في الجملة وتقديره محذوفاً مسوّغ لحذفه ، فلا يجوز . .
والضمير في بعضهم عائد على الرجال والنساء . وذكر تغليباً للمذكر على المؤنث ، والمراد بالبعض الأول الرجال ، وبالثاني النساء . والمعنى : أنهم قوّامون عليهن بسبب تفصيل الله الرجال على النساء ، هكذا قرروا هذا المعنى . قالوا : وعدل عن الضميرين فلم يأت بما فضل الله عليهن لما في ذكر بعض من الإبهام الذي لا يقتضي عموم الضمير ، فرب أنثى فضلت ذكراً . وفي هذا دليل على أن الولاية تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة ، وذكروا أشياء مما فضل به الرجال على النساء على سبيل التمثيل . فقال الربيع : الجمعة والجماعة . وقال الحسن : النفقة عليهن . وينبو عنه قوله : وبما أنفقوا . وقيل : التصرف والتجارات . وقيل : الغزو ، وكمال الدين ، والعقل . وقيل : العقل والرأي ، وحل الأربع ، وملك النكاح ، والطلاق ، والرجعة ، وكمال العبادات ، وفضيلة الشهادات ، والتعصيب ، وزيادة السهم في الميراث ، والديات ، والصلاحية للنبوة ، والخلافة ، والإمامة ، والخطابة ، والجهاد ، والرمي ، والآذان ، والاعتكاف ، والحمالة ، والقسامة ، وانتساب الأولاد ، واللحي ، وكشف الوجوه ، والعمائم التي هي تيجان العرب ، والولاية ، والتزويج ، والاستدعاء إلى الفراش ، والكتابة في الغالب ، وعدد الزوجات ، والوطء بملك اليمين . .
وبما أنفقوا من أموالهم : معناه عليهن ، وما : مصدرية ، أو بمعنى الذي ، والعائد محذوف فيه مسوّغ الحذف . قيل : المعنى بما أخرجوا بسبب النكاح من مهورهن ، ومن النفقات عليهن المستمرة . وروى معاذ : أنه صلى الله عليه وسلم ) قال : { لَوْ * أُمِرْتُ * أَحَدًا * ءانٍ * يَسْجُدُ * لاِحَدٍ } . قال القرطبي : فهم الجمهور من قوله : وبما أنفقوا من أموالهم ، أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواماً عليها ، وإذا لم يكن قواماً عليها كان لها فسخ العقد لزوال المعقود الذي شرع لأجله النكاح . وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة ، وهو مذهب مالك والشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يفسخ لقوله : { أَمْوالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } . .
فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله } قال ابن عباس : الصالحات المحسنات لأزواجهنّ ، لأنهن إذا أحسن لأزواجهن فقد صلح حالهن معهم . وقال ابن المبارك : المعاملات بالخير . وقيل : اللائي أصلحن الله لأزواجهن قال تعالى : { * } قال ابن عباس : الصالحات المحسنات لأزواجهنّ ، لأنهن إذا أحسن لأزواجهن فقد صلح حالهن معهم . وقال ابن المبارك : المعاملات بالخير . وقيل : اللائي أصلحن الله لأزواجهن قال تعالى : { وَأَصْلَحْنَا لَهُ } . وقيل : اللواتي أصلحن أقوالهن وأفعالهن . وقيل : الصلاة الدين هنا . .
وهذه الأقوال متقاربة . والقانتات : المطيعات لأزواجهن ، أو لله تعالى في حفظ أزواجهن ، وامتثال أمرهم ، أو لله تعالى في كل أحوالهن ، أو قائمات بما عليهن للأزواج ، أو المصليات ، أقوال آخرها للزجاج . حافظات للغيب : قال عطاء وقتادة : يحفظن ما غاب عن الأزواج ، وما يجب لهن من صيانة أنفسهن لهن ، ولا يتحدثن بما كان بينهم وبينهن . وقال ابن عطية : الغيب ، كل ما غاب عن علم زوجها مما استتر عنه ، وذلك يعم حال غيبة الزوج ، وحال حضوره . وقال الزمخشري : الغيب خلاف الشهادة ، أي حافظات لمواجب الغيب إذا كان الأزواج غير شاهدين لهن ، حفظن ما يجب عليهن حفظه في حال الغيبة من الزوج والبيوت والأموال انتهى . والألف واللام في الغيب تغني عن الضمير ، والاستغناء بها كثير كقوله : { مِنّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْس