@ 244 @ بالوالدين من العقوق . وقال ابن مسعود أيضاً والنخعي : هي جميع ما نهى عنه من أول سورة النساء إلى ثلاثين آية منها ، وهي : { يَسِيراً إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } وقال ابن عباس أيضاً فيما روي عنه : هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع . وقال ابن عباس أيضاً : الكبائر كل ما ورد عليه وعيد بنار ، أو عذاب ، أو لعنة ، أو ما أشبه ذلك . وإلى نحو من هذا ذهب أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي القرطبي ، قال : قد أطلت التفتيش عن هذا منذ سنين فصحّ لي أن كلّ ما توعد الله عليه بالنار فهو من الكبائر ، ووجدناه عليه السلام قد أحل في الكبائر بنص لفظه أشياء غير التي ذكر في الحديث يعني الذي في البخاري فمنها ، قول الزور ، وعقوق الوالدين ، والكذب عليه صلى الله عليه وسلم ) ، وتعريض المرء أبويه للسبّ بأن يسبّ آباء الناس ، وذكر عليه السلام الوعيد الشديد بالنار على الكبر ، وعلى كفر نعمة المحسن في الحق ، وعلى النياحة في المآتم ، وحلق الشعر فيها ، وخرق الجيوب ، والنميمة ، وترك التحفظ من البول ، وقطيعة الرحم ، وعلى الخمر ، وعلى تعذيب الحيوان بغير الذكاة لأكل ما يحل أكله منها أو ما أبيح أكله منها ، وعلى لسان الإزار على سبيل التجوه ، وعلى المنان بما يفعل من الخير ، وعلى المنفق سلعته بالحلف الكاذب ، وعلى المانع فضل مائه من الشارب ، وعلى الغلول ، وعلى متابعة الأئمة للدنيا فإن أعطوا منها وفي لهم وإن لم يعطوا منها لم يوف لهم ، وعلى المقطتع بيمينه حق امرىء مسلم ، وعلى الإمام الغاش لرعيته ، ومن ادعى إلى غير أبيه ، وعلى العبد الآبق ، وعلى من غل ، ومن ادعى ما ليس له ، وعلى لاعن من لا يستحق اللعن ، وعلى بغض الأنصار ، وعلى تارك الصلاة ، وعلى تارك الزكاة ، وعلى بغض عليّ رضي الله عنه ، ووجدنا الوعيد الشديد في نص القرآن قد جاء على الزناة ، وعلى المفسدين في الأرض بالحرابة ، فصح بهذا قول ابن عباس انتهى كلامه . عني قوله هي : إلى السبعين أقرب منها إلى السبع . وروي عن ابن عباس أنه قال : هي إلى سبعمائة أقرب ، لأنه لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار . .
وقد اختلف القائلون بأنه يكفر الصغائر باجتناب الكبائر ، هل التكفير قطعي ؟ أو غالب ظن ؟ فجماعة من الفقهاء وأهل الحديث ذهبوا إلى أنه قطعيّ كما دلت عليه الآية والأحاديث ، والأصوليون قالوا : هو على غلبة الظن ، وقالوا : لو كان ذلك قطعياً لكانت الصغائر في حكم المباح يقطع بأن لا تبعة فيه ، ووصف مدخلاً بقوله : كريماً ومعنى كرمه : فضيلته ، ونفى العيوب عنه كما تقول : ثوب كريم ، وفلان كريم المحتد . ومعنى تكفير السيئات إزالة ما يستحق عليها من العقوبات ، وجعلها كأن لم تكن ، وذلك مرتب على اجتناب الكبائر . .
وقرأ ابن عباس وابن جبير : أن تجتنبوا كبير على الافراد ، وقد ذكرنا من احتج به على أنه أريد الكفر . وأمّا من لم يقل ذلك فهو عنده جنس . .
وقرأ المفضل عن عاصم : يكفر ويدخلكم بالياء على الغيبة . .
وقرأ ابن عباس : من سيئاتكم بزيادة من . .
وقرأ نافع : مدخلاً هنا ، وفي الحج بفتح الميم ، ورويت عن أبي بكر . وقرأ باقي السبعة بضمها وانتصاب المضموم الميم إمّا على المصدر أي : إدخالاً ، والمدخل فيه محذوف أي : ويدخلكم الجنة إدخالاً كريماً . وإمّا على أنه مكان الدخول ، فيجيء الخلاف الذي في دخل ، أهي متعدية لهذه الأماكن على سبيل التعدية للمفعول ؟ أم على سبيل الظرف ؟ فإذا دخلت همزة النقل فالخلاف . وأما انتصاب المفتوح الميم فيحتمل أن يكون مصدر الدخل المطاوع لأدخل ، التقدير : ويدخلكم فتدخلون دخولاً كريماً ، وحذف فتدخلون لدلالة المطاوع عليه ، ولدلالة مصدره أيضاً . ويحتمل أن يراد به المكان ، فينتصب إذ ذاك إما بيدخلكم ، وإما بدخلتم المحذوفة على الخلاف ، أهو مفعول به أو ظرف . .
{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ } قال قتادة والسدي : لما نزل { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الاْنْثَيَيْنِ } قال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل