@ 224 @ الأوزاعي في غلامين : يعبث أحدهما بالآخر فتولد للمفعول به جارية قال : لا يتزوجها الفاعل . .
وقرأ حمزة والكسائي وحفص : وأحل مبنياً للمفعول ، وهو معطوف على قوله : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ } . وقرأ باقي السبعة : وأحل مبنياً للفاعل ، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى ، وهو أيضاً معطوف على قوله : حرمت . ولا فرق في العطف بين أن يكون الفعل مبنياً للفاعل ، أو للمفعول . ولا يشترط المناسبة ولا يختار ، وإن اختلف الفاعل المحذوف لقيام المفعول مقامه ، والفاعل الذي أسند إليه الفعل المبني للفاعل ، فكيف إذا اتحد كهذا ، لأنه معلوم أن الفاعل المحذوف في حرمت : هو الله تعالى ، وهو الفاعل المضمير في : أحلّ المبني للفاعل . .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : علام عطف قوله : وأحل لكم ؟ ( قلت ) : على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله : أي كتب الله عليكم تحريم ذلك ، وأحل لكم ما وراء ذلكم . ويدل عليه قراءة اليماني : كتب الله عليكم ، وأحل لكم . ثم قال : ومن قرأ { وَأُحِلَّ لَكُمْ } على البناء للمفعول ، فقد عطفه على : حرّمت عليكم انتهى كلامه . ففرق في العطف بين القراءتين ، وما اختاره من التفرقة غير مختار . لأن انتصاب كتاب الله عليكم إنما هو انتصاب المصدر المؤكد لمضمون الجملة السابقة من قوله : حرمت ، فالعامل فيه وهو كتب ، إنما هو تأكيد لقوله : حرمت ، فلم يؤت بهذه الجملة على سبيل التأسيس للحكم ، إنما التأسيس حاصل بقوله : حرمت ، وهذه جيء بها على سبيل التأكيد لتلك الجملة المؤسسة وما كان سبيله هكذا فلا يناسب أن يعطف عليه الجملة المؤسسة للحكم ، إنما يناسب أن يعطف على جملة مؤسسة مثلها ، لا سيما والجملتان متقابلتان : إذا حداهما للتحريم ، والأخرى للتحليل ، فناسب أن يعطف هذه على هذه . وقد أجاز الزمخشري ذلك في قراءة من قرأ : وأحل مبنياً للمفعول ، فكذلك يجوز فيه مبنياً للفاعل ، ومفعول أحلّ هو : ما وراء ذلكم . .
قال ابن عطية : والوراء في هذه الآية ما يعتبر أمره بعد اعتبار المحرّمات ، فهو وراء أولئك بهذا الوجه . وقال الفراء : ما وراء ذلكم أي : ما سوى ذلكم . وقال الزجاج : ما دون ذلكم ، أي : ما بعد هذه الأشياء التي حرمت . وهذه التفاسير بعضها يقرب من بعض . .
وموضع أن تبتغوا نصب على أنه بدل اشتمال من ما وراء ذلكم ، ويشمل الابتغاء بالمال النكاح والشراء . وقيل : الابتغاء بالمال هو على وجه النكاح . وقال الزمخشري : أن تبتغوا مفعول له ، بمعنى : بين لكم ما يحل مما يحرم ، إرادة أن يكون ابتغاؤكم بأموالكم التي جعل الله لكم قياماً في حال كونكم محصنين غير مسافحين لئلا تضيعوا أموالكم وتفقروا أنفسكم فيما لا يحل لكم ، فتخسروا دنياكم ودينكم ، ولا مفسدة أعظم مما يجمع بين الخسرانين انتهى كلامه . وانظر إلى جعجعة هذه الألفاظ وكثرتها ، وتحميل لفظ القرآن ما لا يدل عليه ، وتفسير الواضح الجلي باللفظ المعقد ، ودس مذهب الاعتزال في غضون هذه الألفاظ الطويلة دساً خفياً إذ فسر قوله : وأحل لكم بمعنى بين لكم ما يحل . وجعل قوله : أن تبتغوا على حذف مضافين : أي إرادة أن يكون ابتغاؤكم ، أي : إرادة كون ابتغائكم بأموالكم . وفسر الأموال بعد بالمهور ، وما يخرج في المناكح ، فتضمن تفسيره : أنه تعالى بين لكم ما يحل لإرادته كون ابتغائكم بالمهور ، فاختصت إرادته بالحلال الذي هو النكاح دون السفاح . وظاهر الآية غير هذا الذي فهمه الزمخشري . إذ الظاهر أنه تعالى أحلّ لنا ابتغاء ما سوى المحرمات السابق ذكرها بأموالنا حالة الإحصان ، لا حالة السفاح . وعلى هذا الظاهر لا يجوز أن يعرب : أن تبتغوا مفعولاً له ، كما ذهب إليه الزمخشري ، لأنه فات شرط من شروط المفعول له ، وهو اتحاد الفاعل في العامل والمفعول له . لأن الفاعل بقوله : وأحل ، هو الله تعالى . والفاعل في :