@ 222 @ مذهب مالك ، ومحمد ، والليث ، وذهب : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، والثوري إلى أنه يختار من سبق نكاحها ، فإن كانا في عقد واحد فرق بينه وبينهما . وقال عطاء ، والسدي : هذا الاستثناء يدل على أن ما تقدّم قبل ورود النهي كان مباحاً ، هذا يعقوب عليه السلام جمع بين أم يوسف وأختها . ويضعف هذا لبعد صحة إسناد قصة يعقوب في ذلك ، وكون هذا التحريم متعلقاً بشرعنا نحن ، لا يظهر منه ذكر عفو عنه فيما فعل غيرنا . .
{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ } الإحصان : التزوج ، أو الحرية ، أو الإسلام ، أو العفة . وعلى هذه المعاني تصرفت هذه اللفظة في القرآن ، ويفسر كل مكان بما يناسبه منها . وروى أبو سعيد أن الآية نزلت بسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بعث جيشاً إلى أوطاس ، فلقوا عدوًّا وأصابوا سبباً لهن أزواج من المشركين ، فتأثم المسلمون من غشيانهن ، فنزلت . فالمحصنات هنا المزوجات . والمستثنى هو السبايا ، فإذا وقعت في سهمه من لها زوج فهي حلال له ، وإلى هذا ذهب : أبو سعيد ، وابن عباس ، وأبو قلابة ، ومكحول ، والزهري ، وابن زيد ، وهذا كما قال الفرزدق : % ( وذات حليل أنكحتها رماحنا % .
حلال لمن يبنى بها لم تطلق .
) % .
وقيل : المحصنات المزوجات ، والمستثنى هن الإماء ، فتحرم المزوجات إلا ما ملك منهن بشراء ، أو هبة ، أو صدقة ، أو إرث . فإن مالكها أحق ببضعها من الزوج ، وبيعها ، وهبتها ، والصدقة بها وارثها طلاق لها . وإلى هذا ذهب عبد الله ، وأبي جابر ، وابن عباس أيضاً ، وسعيد ، والحسن . وذهب عمرو بن عباس أيضاً ، وأبو العالية ، وعبيدة ، وطاووس ، وابن جبير ، وعطاء : إلى أن المحصنات هن العفائف ، وأريد به كل النساء حرام ، والشرائع كلها تقتضي ذلك . والمستثنى معناه : إلا ما ملكت أيمانكم بنكاح أو بملك ، فيدخل ذلك كله تحت ملك اليمين . وبهذا التأويل يكون المعنى تحريم الزنا . وروي عن عمر في المحصنات أنهن الحرائر ؟ فعلى هذا يكون قوله : إلا ما ملكت أيمانكم أي بنكاح إن كان الاستثناء متصلاً ، وإن كان أريد به الإماء كان منقطعاً . قيل : والذي يقتضيه لفظ الإحصان أن تعلق بالقدر المشترك بين معانية الأربعة ، وإن اختلفت جهات الإحصان ، ويحمل قوله : إلا ما ملكت أيمانكم على ظاهر استعماله في القرآن وفي السنة . وعرف العلماء من أن المراد به الإماء ، ويعود الاستثناء إلى ما صح أن يعود عليه من جهات الإحصان . وكل ما صح ملكها ملك يمين حلت لمالكها من مسبية أو مملوكة مزوجة . .
ولم يختلف القراء السبعة في فتح الصاد من قوله : والمحصنات من النساء ، واختلفوا في سوى هذا فقرأ الكسائي : بكسر الصاد ، سواء كان معرفاً بالألف واللام ، أم نكرة . وقرأ باقيهم وعلقمة : بالفتح ، كهذا المتفق عليه . وقرأ يزيد بن قطيب : والمحصنات بضم الصاد اتباعاً لضمة الميم ، كما قالوا : منتن ، ولم يعتدّوا بالحاجز لأنه ساكن ، فهو حاجز غير حصين . وقال مكي : فائدة قوله : من النساء ، أنّ المحصنات تقع على الأنفس فقوله : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } لو أريد به النساء خاصة ، لما حدّ مَن قذف رجلاً بنص القرآن ، وأجمعوا على أن حده بهذا النص . .
{ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } انتصب بإضمار فعل وهو فعل مؤكد لمضمون الجملة السابقة من قوله : حرمت عليكم . وكأنه قيل : كتب الله عليكم تحريم ذلك كتاباً . ومن جعل ذلك متعلقاً بقوله