@ 206 @ عام ، والثيب بالثيب } رمى بالحجارة . وثبت تفسير السبيل بهذا من حديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ، فوجب المصير إليه . وحديث عبادة ليس بناسخ لهذه الآية ، ولا لأنه الجلد ، بل هو مبين لمجمل في هذه الآية إذ غيا إمساكهن في البيوت إلى أن يجعل لهن سبيلاً ، وهو مخصص لعموم آية الجلد . وعلى هذا لا يصح طعن أبي بكر الرازي على الشافعي في قوله : إن السنة لا تنسخ القرآن ، بدعواه أنَّ آية الحبس منسوخة ، بحديث عبادة ، وحديث عبادة منسوخ بآية الجلد ، فيلزم من ذلك نسخ القرآن بالسنة ، والسنة بالقرآن ، خلاف قول الشافعي ، بل البيان والتخصيص أولى من ادعاء نسخ ثلاث مرات على ما ذهب إليه أصحاب أبي حنيفة ، إذ زعموا أن آية الحبس منسوخة بالحديث ، وأن الحديث منسوخ بآية الجلد ، وآية الجلد منسوخة بآية الرجم . .
{ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَئَاذُوهُمَا } تقدم قول مجاهد واختيار أبي مسلم أنها في اللواطة ، ويؤيده ظاهر التثنية . وظاهر منكم إذ ذلك في الحقيقة هو للذكور ، والجمهور على أنها في الزناة الذكور والإناث . واللذان أريد به الزاني والزانية ، وغلب المذكر على المؤنث ، وترتب الأذى على إتيان الفاحشة وهو مقيد بالشهادة على إتيانها . وبين ذلك في الآية السابقة وهو : شهادة أربعة . والأمر بالأذى بدل على مطلق الأذى بقول أو فعل أو بهما . .
فقال ابن عباس : هو النيل باللسان واليد ، وضرب النعال وما أشبهه . وقال قتادة والسدي : هو التعبير والتوبيخ . وقال قوم : بالفعل دون القول . وقالت فرقة : هو السب والجفا دون تعيير . وقيل : الأذى المأمور به هو الجمع بين الحدين : الجلد والرجم ، وهو قول علي ، وفعله في الهمدانية : جلدها ثم رجمها . .
وظاهر قوله : واللذان يأتيانها العموم . وقال قتادة والسدي وابن زيد وغيرهم : هي في الرجل والمرأة البكرين ، وأما الأولى ففي النساء المزوجات ، ويدخل معهن في ذلك من أحصن من الرجال بالمعنى . ورجح هذا القول الطبري . وأجمعوا على أن هاتين الآيتين منسوختان بآية الجلد ، إلا في تفسير على الأذى فلا نسخ ، وإلا في قول من قال : إن الأذى بالتعيير مع الجلد باق فلا نسخ عنده ، إذ لا تعارض ، بل يجمعان على شخص واحد . وإذا حملت الآيتان على الزنا تكون الأولى قد دلت على حبس الزواني ، والثانية على إيذائها وإيذائه ، فيكون الإيذاء مشتركاً بينهما ، والحبس مختص بالمرأة فيجمع عليها الحبس والإيذاء ، هذا ظاهر اللفظ . وقيل : جعلت عقوبة المرأة الحبس لتنقطع مادة هذه المعصية ، وعقوبة الرجل الإيذاء ، ولم يجعل الحبس لاحتياجه إلى البروز والاكتساب . وأما على قول قتادة والسدي : من أن الأولى في الثيب والثانية في البكر من الرجال والنساء ، فقد اختلف متعلق العقوبتين ، فليس الإيذاء مشتركاً . وذهب الحسن إلى أن هذه الآية قبل الآية المتقدمة ، ثم نزل { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ } يعني إن لم يتبن