@ 185 @ أولي القربى الذين يرثون ، والمراد من اليتامى والمساكين الذين لا يرثون . فقوله : فارزقوهم راجع إلى أولي القربى . وقوله : لهم ، راجع إلى اليتامى والمساكين . وما قيل من تفريق الضمير تحكم لا دليل عليه . .
والمقول المعروف فسره هنا ابن جبير أن يقول لهم : هذا المال لقوم غيب أو ليتامى صغار ، وليس لكم فيه حق . وقيل : الدعاء لهم بالرزق والغنى . وقيل : هو القول الدال على استقلال ما أرضخوهم به ، وروي عن ابن جبير . وقيل : العدة الحسنة بأن يقال : هؤلاء أيتام صغار ، فإذا بلغوا أمرناهم أن يعرفوا حقكم قاله ، عطاء بن يسار ، عن ابن جبير . وقيل : المعروف ما يؤنس به من دعاء وغيره . وظاهر الكلام أن الأصناف الثلاثة يجمع لهم بين الرزق والقول المعروف . وقيل : إما أن يعطوا وإما أن يقال لهم قول معروف . .
{ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } ظاهر هذه الجملة أنه أمر بخشية الله واتقائه . والقول السديد من ينظر في حال ذرية ضعاف لتنبيهه على ذلك بكونه هو يترك ذرية ضعافاً ، فيدخل في ذلك ولاة الأيتام ، وبه فسر ابن عباس . والذي ينهى المحتضر عن الوصية لذوي القربى ، ومن يستحق ويحسن له الإمساك على قرابته وأولاده . وبه فسر مقسم وحضرمي ، والذي يأمر المحتضر بالوصية لفلان وفلان ويذكره بأن يقدم لنفسه ، وقصده إيذاء ورثته بذلك . وبه فسر ابن عباس أيضاً وقتادة والسدي وابن جبير والضحاك ومجاهد . وقالت فرقة : المراد جميع الناس أمروا باتقاء الله في الأيتام وأولاد الناس ، وإن لم يكونوا في حجرهم . وأن يسددو لهم القول كما يحبون أن يفعل بأولادهم . قال الزمخشري : ويجوز أن يتصل بما قبله ، وأن يكون آمراً للورثة بالشفقة على الذين يحضرون القسمة من ضعفاء أقاربهم واليتامى والمساكين ، وأن يتصور أنهم لو كانوا أولادهم بقوا خلفهم ضائعين محتاجين ، هل كانوا يخافون عليهم الحرمان والخشية ؟ انتهى كلامه . وهو ممكن أن يكون مراداً . قال القاضي : الأليق بما تقدم وما تأخر أن يكون من الآيات الواردة في الأيتام ، فجعل تعالى آخر ما دعاهم به إلى حفظ مال اليتيم أن ينبههم على حال أنفسهم وذريتهم إذا تصوروها ، ولا شك أن هذا من أقوى البواعث في هذا المقصود على الاحتياط فيه . .
وقرأ الزهري والحسن وأبو حيوة وعيسى بن عمر : بكسر لام الأمر في : وليخش ، وفي : فليتقوا ، وليقولوا . وقرأ الجمهور : بالإسكان . ومفعول وليخش محذوف ، ويحتمل أن يكون اسم الجلالة أي الله ، ويحتمل أن يكون هذا الحذف على طريق الأعمال ، أعمل فليتقوا . وحذف معمول الأول ، إذ هو منصوب يجوز أن يحذف اقتصاراً ، فكان حذفه اختصاراً أجوز ، ويصير نحو قولك : أكرمت فبررت زيداً . وصلة الذين الجملة من لو وجوابها . قال ابن عطية : تقديره لو تركوا لخانوا . ويجوز حذف اللام في جواب لو تقول : لو قام زيد لقام عمرو ، ولو قام زيد قام عمرو ، انتهى كلامه . وقال الزمخشري : معناه وليخش الذين صفتهم وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافاً وذلك عند احتضارهم ، خافوا عليهم الضياع بعدهم لذهاب كافلهم وكاسبهم كما قال القائل : % ( لقد زاد الحياة إليّ حبا % .
بناتي إنهنّ من الضعاف .
) % % ( أحاذر أن يرثن البؤس بعدي % .
وأن يشربن رنقاً بعد صاف .
) % .
انتهى كلامه . وقال غيرهما : لو تركوا ، لو يمتنع بها الشيء لامتناع غيره ، وخافوا جواب لو انتهى . .
فظاهر هذه