@ 182 @ أو بالمسافر ، أو بالمضطر ، أو بالمشتغل بذلك عن مهمات نفسه ؟ أقوال . وإذا كان بالنسبة للمأكول ، فهل يختص بالتافه أم يتعدّى إلى غيره ؟ قولان . وإذا تعدّى إلى غيره ، فهل يكون أجرة أم لا ؟ قولان . وإذا لم يكن أجرة فأخذ ، فهل يترتب ديناً في ذمته يجب قضاؤه إذا أيسر أم لا ؟ قولان . ودلائل هذه الأقوال مذكورة في مسائل الخلاف . ولفظه فليستعفف أبلغ من فليعف ، لأن فيه طلب زيادة العفة . .
{ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ } أمر تعالى بالإشهاد لحسم مادة النزاع ، وسوء الظن بهم ، والسلامة من الضمان والغرم على تقدير إنكار اليتيم ، وطيب خاطر اليتيم بفك الحجر عنه ، وانتظامه في سلك من يعامل ويعامل . وإذا لم يشهد فادعى عليه صدق مع يمينه عند أبي حنيفة وأصحابه ، وعند مالك . والشافعي : لا يصدق إلا بالبينة . فكان في الإشهاد الاحتراز من توجه الحلف المفضي إلى التهمة ، أو من وجوب الضمان إذ لم يقم البينة . وظاهر الأمر أنه واجب . وقال قوم : هو ندب . .
وظاهر الآية الأمر بالإشهاد عليهم إذا دفع إليهم أموالهم ، وهي المأمور بدفعها في قوله : { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ } وقال عمرو بن جبير : هذا الإشهاد إنما هو على دفع الولي ما استقرضه من مال اليتيم حالة فقره إذا أيسر . وقيل : فيها دليل على وجوب القضاء على من أكل من مال اليتيم ، المعنى : أقرضتم أو أكلتم فأشهدوا هذا غرمتم . وقيل : المعنى إذا أنفقتم شيئاً على المولى عليه فاشهدوا ، حتى لو وقع خلاف أمكن إقامة البينة ، فإن مالاً قبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إلا بإشهاد على دفعه . .
{ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً } أي كافياً في الشهادة عليكم . ومعناه : محسباً من أحسبني كذا ، أي كفاني ، قاله : الأعمش والطبري . فيكون فعيلاً بمعنى مفعل ، أو محاسباً ، أو حاسباً لأعمالكم يجازيكم بها ، فعليكم بالصدق ، وإياكم والكذب . فيكون في ذلك وعيد لجاحد الحق . .
وحسيب فعيل بمعنى مفاعل ، كجليس وخليط ، أو بمعنى فاعل ، حول للمبالغة في الحسبان . وقال ابن عباس والسدي ومقاتل : معنى حسيباً شهيداً . وفي كفى خلاف : أهي اسم فعل ، أم فعل ؟ والصحيح أنها فعل ، وفاعله اسم الله ، والباء زائدة . وقيل : الفاعل مضمر وهو ضمير الاكتفاء ، أي : كفى هو ، أي الاكتفاء بالله ، والباء ليست بزائدة ، فيكون بالله في موضع نصب ، ويتعلق إذ ذاك بالفاعل . وهذا الوجه لا يسوغ إلا على مذهب الكوفيين ، حيث يجيزون أعمال ضمير المصدر كأعمال ظاهره . وإن عنى بالإضمار الحذف ففيه إعمال المصدر وهو موصول ، وإبقاء معموله وهو عند البصريين لا يجوز ، أعني : حذف الفاعل وحذف المصدر . وانتصب حسيباً على التمييز لصلاحية دخول مَن عليه . وقيل : على الحال . وكفى هنا متعدية إلى واحد وهو محذوف ، التقدير : وكفاكم الله حسيباً . وتأتي بغير هذا المعنى ، فتعديه إلى اثنين كقوله : { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ } { لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالاْقْرَبُونَ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالاْقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } قيل : سبب نزولها هو خير أم كجه وقد تقدم ، قاله : عكرمة وقتادة وابن زيد . قال المروزي : كان اليونان يعطون جميع المال للبنات ، لأن الرّجل لا يعجز عن الكسب ، والمرأة تعجز . وكانت العرب لا يعطون البنات ، فردَّ الله على الفريقين . والمعنيّ : بالرجال الذكور ، وبالنساء الإناث كقوله : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء } . .
وأبهم في قوله : نصيب ، ومما ترك في موضع الصفة لنصيب . وقيل : يتعلق بلفظ نصيب فهو من تمامه . والوالدان : يعني والدي الرجال والنساء ، وهما أبواهم ، وسمى الأب والد ، لأن الولد منه ، ومن الوالدة . وللاشتراك جاء الفرق بينهما بالتاء كقوله : { لاَ تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِهَا } وجمع بالألف والتاء قياساً كقوله : { وَالْوالِداتُ } قال ابن عطية : كما قال الشاعر :