@ 165 @ فيصح الإدغام لا الحذف كما ذكرنا . .
وأما قول أبي علي : إذا اجتمعت المتقاربة فكذا ، فلا يعني أن ذلك حكم لازم ، إنما معناه : أنه قد يكون التخفيف بكذا ، فكم وجد من اجتماع متقاربة لم يخفف لا بحذف ولا إدغام ولا بدل . وأما تمثيله بطست في طس فليس البدل هنا لاجتماع ، بل هذا من اجتماع المثلين كقولهم في لص لصت . .
ومعنى يتساءلون به : أي يتعاطون به السؤال ، فيسأل بعضكم بعضاً . أو يقول : أسألك بالله أن تفعل ، وظاهر تفاعل الاشتراك أي : تسأله بالله ، ويسألك بالله . وقالت طائفة : معناه تسألون به حقوقكم وتجعلونه معظماً لها . وقرأ عبد الله : تسألون به مضارع سأل الثلاثي . وقرى : تسلون بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى السين . قال ابن عباس : معنى تساءلون به أي تتعاطفون . وقال الضحاك والربيع : تتعاقدون وتتعاهدون . .
وقال الزجاج : تتطلبون به حقوقكم والأرحام . قرأ جمهور : السبعة بنصب الميم . .
وقرأ حمزة : بجرها ، وهي قراءة النخعي وقتادة والأعمش . .
وقرأ عبد الله بن يزيد : بضمها ، فأما النصب فظاهره أن يكون معطوفاً على لفظ الجلالة ، ويكون ذلك على حذف مضاف ، التقدير : واتقوا الله ، وقطع الأرحام . وعلى هذا المعنى فسرها ابن عباس وقتادة والسدي وغيرهم . .
والجامع بين تقوى الله وتقوى الأرحام هذا القدر المشترك ، وإن اختلف معنى التقويين ، لأن تقوى الله بالتزام طاعته واجتناب معاصيه ، واتقاء الأرحام بأن توصل ولا تقطع فيما يفضل بالبر والإحسان ، وبالحمل على القدر المشترك يندفع قول القاضي : كيف يراد باللفظ الواحد المعاني المختلفة ؟ ونقول أيضاً أنه في الحقيقة من باب عطف الخاص على العام ، لأن المعنى : واتقوا الله أي اتقوا مخالفة الله . وفي عطف الأرحام على اسم الله دلالة على عظم ذنب قطع الرحم ، وانظر إلى قوله : { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى الْقُرْبَى } كيف قرن ذلك بعبادة الله في أخذ الميثاق . .
وفي الحديث : ( من أبرّ ؟ قال : أمّك وفيه : أنت ومالك لأبيك ) وقال تعالى في ذم من أضله : من الفاسقين { الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } . وقيل : النصب عطفاً على موضع به كما تقول : مررت بزيد وعمراً . لما لم يشاركه في الاتباع على اللفظ اتبع على موضعه . ويؤيد هذا القول قراءة عبد الله : تساءلون به وبالأرحام . أما الرفع فوجه على أنه مبتدأ والخبر محذوف قدره ابن عطية : والأرحام أهل أن توصل . وقدره الزمخشري : والأرحام مما يتقي ، أو مما يتساءل به ، وتقديره أحسن من تقدير ابن عطية ، إذا قدر ما يدل عليه اللفظ السابق ، وابن عطية قدر من المعنى . وأما الجر فظاهره أنه معطوف على المضمر المجرور من غير إعادة الجار ، وعلى هذا فسرها الحسن والنخعي ومجاهد . ويؤيده قراءة عبد الله : وبالأرحام . وكانوا يتناشدون بذكر الله والرحم . .
قال الزمخشري : وليس بسديد يعني : الجر عطفاً على الضمير . قال : لأن الضمير المتصل متصل كاسمه ، والجار والمجرور كشيء واحد ، فكانا في قولك : مررت به وزيد ، وهذا غلامه وزيد شديدي الاتصال ، فلما اشتد الاتصال لتكرره اشتبه العطف على بعض الكلمة فلم يجر ، ووجب تكرير العامل كقولك : مررت به وبزيد ، وهذا غلامه وغلام زيد . ألا ترى إلى صحة رأيتك وزيداً ، ومررت بزيد وعمرو لما لم يقو الاتصال لأنه لم يتكرر ؟ وقد تمحل لصحة هذه القراءة بأنها على تقدير تكرير الجار ، ونظير هذا قول الشاعر :