@ 122 @ الجملة اعتراض ، وهي قراءة الكسائي انتهى . وليست الجملة هنا اعتراضاً لأنها لم تدخل بين شيئين أحدهما يتعلق بالآخر ، وإنما جاءت لاستئناف أخبار . وقرأ باقي السبعة والجمهور : بفتح الهمزة عطفاً على متعلق الاستبشار ، فهو داخل فيه . قال أبو علي : يستبشرون بتوفير ذلك عليهم ، ووصوله إليهم ، لأنه إذا لم يضعه وصل إليهم ولم يبخسوه . ولا يصح الاستبشار بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ، لأن الاستبشار إنما يكون بما لم يتقدم به علم ، وقد علموا قبل موتهم إن الله لا يضيع أجر المؤمنين ، فهم يستبشرون بأن الله ما أضاع أجورهم حتى اختصهم بالشهادة ومنحهم أتم النعمة ، وختم لهم بالنجاة والفوز ، وقد كانوا يخشون على إيمانهم ، ويخافون سوء الخاتمة المحبطة للأعمال ، فلما رأوا ما للمؤمنين عند الله من السعادة وما اختصهم به من حسن الخاتمة التي تصحّ معها الأجور وتضاعف الأعمال ، استبشروا ، لأنهم كانوا على وجل من ذلك انتهى كلامه . وفيه تطويل شبيه بالخطابة . قيل : ويجوز أن يكون الاستبشار لمن خلفوه بعدهم من المؤمنين لما عاينوا منزلته عند الله . .
{ الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْاْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } قيل : الاستجابة كانت أثر الانصراف من أحغد . استنفر الرسول لطلب الكفار ، فاستجاب له تسعون . وذلك لمّا ذكر للرّسول أنّ أبا سفيان في جمع كثير ، فأبى الرسول إلا أن يطلبهم ، فسبقه أبو سفيان ودخل مكة فنزلت ، قاله : عمرو بن دينار . وفي ذكر هذا السبب اختلاف في مواضع . وقيل : الاستجابة كانت من العام القابل بعد قصة أحد ، حيث تواعد أبو سفيان ورسول الله صلى الله عليه وسلم ) موسم بدر ، فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان فارعب ، وبدا له الرّجوع وقال لنعيم بن مسعود : واعدت محمداً وأصحابه أن نلتقي بموسم بدر الصغرى ، وهو عام جدب لا يصلح لنا ، فثبطتهم عنا واعلمهم أنا في جمع كثير ففعل ، وخوفهم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بأصحابه وأقاموا ببدر ينتظرون أبا سفيان فنزلت . قال معناه : مجاهد وعكرمة . وقيل : لما كان الثاني من أحد وهو يوم الأحد ، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في الناس باتباع المشركين ، وقال : { لا * يَخْرُجْنَ * مَعَنَا * إِلاَّ مَنْ * نَفْساً بِالاْمْسِ } وكانت بالناس جراحة وفرح عظيم ، ولكن تجلدوا ، ونهض معه مائتا رجل من المؤمنين حتى بلغ حمراء الأسد وهي : على ثمانية أميال من المدينة وأقام بها ثلاثة أيام ، وجرت قصة معبد بن أبي معبد ، وقد ذكرت ومرّت قريش ، فانصرف الرسول إلى المدينة فنزلت . وروى أنه خرج أخوان وبهما جراحة شديدة ، وضعف أحدهما فكان أخوه يحمله عقبة ويمشي هو عقبة ، ولما لم تتم استجابة العبد لله إلا باستجابته للرسول جمع بينهما ، لأنّ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . قيل : والاستجابتان مختلفتان ، فإنهما بالنسبة إلى الله بالتوحيد والعبادة ، وللرّسول بتلقي الرّسالة منه والنصيحة له . والظاهر أنها استجابة واحدة ، وهو إجابتهم له حين انتدبهم لاتباع الكفار على ما نقل في سبب النزول . والإحسان هنا ما هو زائد على الإيمان من الاتصاف بما يستحب مع الاتصاف بما يجب . .
والظاهر إعراب الذين مبتدأ ، والجملة بعده الخبر . وجوزوا الاتباع نعتاً ، أو بدلاً ، والقطع إلى الرفع والنصب . ومن في منهم قال الزمخشري : للتبيين مثلها في قوله تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } لأن الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا كلهم واتقوا ، إلا بعضهم . وعن عروة بن الزبير قالت لي عائشة : أن أبويك لممن استجابوا لله والرسول تعني : أبا بكر والزبير انتهى . وقال أبو البقاء : منهم حال من الضمير في أحسنوا ، فعلى هذا تكون من للتبعيض وهو قول من لا يرى أن من تكون لبيان الجنس . .
{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } قيل : أريد