@ 84 @ .
أي لا منار له فيهتدى به وقوله : .
ولا ترى الضب بها ينجحر .
أي لا ينجحر الضب فيرى بها . والمرادُ نفي السلطان والنزول معاً . وكان الإشراك بالله سبباً لإلقاء الرعب ، لأنهم يكرهون الموت ويؤثرون الحياة ، إذ لم تتعلق آمالهم بالآخرة ولا بثواب فيها ولا عقاب ، فصار اعتقادهم ذلك مؤثراً في الرغبة في الحياة الدنيا كما قالوا : { وَأَنْ * هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } وفي قوله : ما لم ينزل به سلطاناً ، دليل على إبطال التقليد ، إذ لا برهان مع المقلد . .
{ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } أخبر تعالى بأن مصيرهم ومرجعهم إلى النار فهم في الدنيا مرعوبون وفي الآخرة معذبون ، بسبب إشراكهم . فهو جالب لهم الشر في الدنيا والآخرة . .
{ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ } بالغ في ذم مثواهم والمخصوص بالذم محذوف ، أي : وبئس مثوى الظالمين النار . وجعل النار مأواهم ومثواهم . وبدأ بالمأوى وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ولا يلزم منه الثواء ، لأن الثواء دال على الإقامة ، فجعلها مأوى ومثوى كما قال تعالى : { وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } ونبه على الوصف الذي استحقوا به النار وهو الظلم ، ومجاوزة الحد إذ أشركوا بالله غيره . كما قال : { إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } . .
{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِى الاْمْرِ وَعَصَيْتُمْ مّن بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَّا } هذا جواب لمن رجع إلى المدينة من المؤمنين قالوا : وعدنا الله النصر والإمداد بالملائكة ، فمن أي وجه أتينا فنزلت إعلاماً أنه تعالى صدقهم الوعد ونصرهم على أعدائهم أولاً ، وكان الإمداد مشروطاً بالصبر والتقوى . واتفق من بعضهم من المخالفة ما نص الله في كتابه ، وجاءت المخاطبة بجمع ضمير المؤمنين في هذه الآيات ، وإنْ كان لم يصدر ما يعاتب عليه من جميعهم ، وذلك على طريقة العرب في نسبة ما يقع من بعضهم للجميع على سبيل التجوز ، وفي ذلك إبقاء على مع فعل وستر ، إذ لم يعين وزجر لمن لم يفعل أن يفعل . .
وصدق الوعد : هو أنهم هزموا المشركين أولاً ، وكان لعلي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب والزبير وأبي دجانة وعاصم بن أبي الأفلح بلاء عظلم في ذلك اليوم ، وهو مذكور في السير . وكان المشركون في ثلاثة آلاف ، ومعهم مائتا فرس . والمسلمون في سبعمائة رجل . وتعدت صدق هنا لى اثنين ، ويجوز أن تتعدى إلى الثاني بحرف جر ، تقول : صدقت زيداً الحديث ، وصدقت زيداً في الحديث ، ذكرها بعض النحويين في باب ما يتعدى إلى اثنين . ويجوز أن يتعدى إلى الثاني بحرف الجر ، فيكون من باب استغفر . واختار والعامل في إذ صدقكم . .
ومعنى تحسونهم : تقتلونهم . وكانوا قتلوا من المشركين اثنين وعشرين رجلاً . وقرأ عبيد بن عمير تحسونهم رباعياً من الإحساس ، أي تذهبون حسهم بالقتل . وتمني القتل بوقت الفشل وهو : الجبن ، والضعف . .
والتنازع وهو التجاذب في الأمر . وهذا التنازع صدر من الرماة . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قد رتب الرماة على فم الوادي وقال : ( اثبتوا مكانكم ، وإن رأيتمونا هزمناهم ، فإنا لا نزال غالبين ما ثبتم مكانكم ) ووعدهم بالنصر إن انتهوا إلى أمره . فلما انهزم المشركون قال بعض الرماة : قد انهزموا فما موقفنا هنا ؟ الغنيمة الغنيمة ، الحقوا بالمسلمين . وقال بعضهم : بل نثبت مكاننا كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . وقيل : التنازع هو ما صدر من المسلمين من الاختلاف حين صيح أن محمداً قد قتل . .
والعصيان هو ذهاب من ذهب من الرماة من مكانه طلباً للنهب والغنيمة ، وكان خالد حين رأى قلة الرماة صاح في خيله وحمل على مَنْ بقي من الرماة فقتلهم ، وحمل على عسكر المسلمين فتراجع المشركون ، فأصيب من المسلمين يومئذ سبعون رجلاً . .
من بعد ما أراكم ما تحبون ، وهو ظفر المؤمنين وغلبتهم . قال الزبير بن العوام : لقد رأيتني أنظر إلى